كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 431 """"""
أنا وإياكم حرب لا صلح بيننا كائنين على سواء في الإعلام لم أخص به بعضكم دون بعض كقوله سبحانه : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء أي أعلمهم أنك نقضت العهد نقضا سويت بينهم فيه . وقال الزجاج : المعنى أعلمتكم ما يوحى إلي على استواء في العلم به ولا أظهر لأحد شيئا كتمته على غيره وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون أي ما أدري أما توعدون به قريب حصوله أم بعيد وهو غلبة الإسلام أهله على الكفر وأهله وقيل المراد بما توعدون القيامة وقيل آذنتكم بالحرب ولكن لا أدري ما يؤذن لي في محاربتكم . 110
الأنبياء : ( 110 ) إنه يعلم الجهر . . . . .
إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون أي يعلم سبحانه ما تجاهرون به من الكفر والطعن على الإسلام وأهله وما تكتمونه من ذلك وتخفونه . 111
الأنبياء : ( 111 ) وإن أدري لعله . . . . .
وإن أدري لعله فتنة لكم أي ما أدري لعل الإمهال فتنة لكم واختبار ليرى كيف صنعكم ومتاع إلى حين أي وتمتيع إلى وقت مقدر تقتضيه حكمته . ثم حكى سبحانه وتعالى دعاء نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله : 112
الأنبياء : ( 112 ) قال رب احكم . . . . .
قال رب احكم بالحق أي احكم بيني وبين هؤلاء المكذبين بما هو الحق عندك ففوض الأمر إليه سبحانه . وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وابن محيصن رب بضم الباء . وقال النحاس : وهذا لحن عند النحويين لا يجوز عندهم رجل أقبل حتى يقول يا رجل . وقرأ الضحاك وطلحة ويعقوب أحكم بقطع الهمزة وفتح الكاف وضم الميم : أي قال محمد ربي أحكم بالحق . وقرئ قل بصيغة الأمر : أي قل يا محمد . ورب في موضع نصب لأنه منادى مضاف إلى الضمير وقد استجاب سبحانه دعاء نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) فعذبهم ببدر ثم جعل العاقبة والغلبة والنصر لعباده المؤمنين والحمد ( صلى الله عليه وسلم ) رب العالمين . ثم قال سبحانه متمما لتلك الحكاية وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون من الكفر والتكذيب فربنا مبتدأ وخبره الرحمن : أي هو كثير الرحمة لعباده والمستعان خبر آخر : أي المستعان به في الأمور التي من جملتها ما تصفونه من أن الشوكة تكون لكم ومن قولكم : هل هذا إلا بشر مثلكم وقولكم اتخذ الرحمن ولدا وكثيرا ما يستعمل الوصف في كتاب الله بمعنى الكذب كقوله : ولكم الويل مما تصفون وقوله : سيجزيهم وصفهم وقرأ المفضل والسلمي على ما يصفون بالياء التحتية . وقرأ الباقون بالفوقية على الخطاب . وقد أخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : لما نزلت : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون قال المشركون : فالملائكة وعيسى وعزير يعبدون من دون الله فنزلت : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون عيسى وعزير والملائكة . وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عنه قال : جاء عبد الله بن الزبعري إلى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون قال ابن الزبعري : قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا فنزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ثم نزلت إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون . وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والطبراني من وجه آخر عنه أيضا نحوه بأطول منه . وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في قوله : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال : عيسى وعزير والملائكة وأخرج ابن جرير عنه أيضا في قوله : حصب جهنم قال : شجر جهنم وفي إسناده العوفي . وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه من وجه آخر أن حصب جهنم وقودها . وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا

الصفحة 431