كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 447 """"""
وعلى هذا يوقف علي يدعو ويكون قوله لمن ضره أقرب من نفعه كلاما مستأنفا مرفوعا بالابتداء وخبره لبئس المولى قال وهذا لأن اللام لليمين والتوكيد فجعلها أول الكلام وقال الزجاج والفراء يجوز أن يكون يدعو مكررة على ما قبلها على جهة تكثير هذا الفعل الذي هو الدعاء اي يدعو ما لا يضره ولا ينفعه يدعو مثل ضربت زيدا ضربت وقال الفراء والكسائي والزجاج معنى الكلام القسم واللام مقدمة على موضعها والتقدير يدعو من لضره أقرب من نفعه فمن في موضع نصب بيدعو واللام جواب القسم وضره مبتدأ وأقرب خبره ومن التصرف في اللام بالتقديم والتأخير قول الشاعر خالي لأنت ومن جرير خاله
ينل العلاء ويكرم الأخوال
أي لخالي أنت قال النحاس وحكى لنا علي بن سليمان عن محمد بن يزيد قال في الكلام حذف والمعنى يدعو لمن ضره أقرب من نفعه إلها قال النحاس وأحسب هذا القول غلطا عن محمد بن يزيد ولعل وجهه أن ما قبل اللام هذه لا يعمل فيما بعدها وقال الفراء أيضا والقفال اللام صلة أي زائدة والمعنى يدعو من ضره أقرب من نفعه أي يعبده وهكذا في قراءة عبدالله بن مسعود بحذف اللام وتكون اللام في لبئس المولى وفي لبئس العشير على هذا موطئة للقسم ) إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار ( لما فرغ من ذكر حال المشركين ومن يعبد الله على حرف ذكر حال المؤمنين في الآخرة وأخبر أنه يدخلهم هذه الجنات المتصفة بهذه الصفة وقد تقدم الكلام في جري الأنهار من تحت الجنات وبينا أنه إن اريد بها الاشجار المتكاثفة الساترة لما تحتها فجريان الأنهار من تحتها ظاهر وإن اريد بها الأرض فلا بد من تقدير مضاف اي من تحت أشجارها ) إن الله يفعل ما يريد ( هذه الجملة تعليل لما قبلها اي يفعل ما يريده من الافعال لايسأل عما يفعل فيثيب من يشاء ويعذب من يشاء ) من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة ( قال النحاس من احسن ما قيل في هذه الآية أن المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه يتهيأ له ان يقطع النصر الذي أوتيه ) فليمدد بسبب إلى السماء ( أي فليطلب حيلة يصل بها إلى السماء ) ثم ليقطع ( أي ثم ليقطع النصر إن تهيأ له ) فلينظر هل يذهبن كيده ( وحيلته ) ما يغيظ ( من نصر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقيل المعنى من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا حتى يظهره على الدين كله فليمت غيظا ثم فسره بقوله ) فليمدد بسبب إلى السماء ( أي فليشدد حبلا في سقف بيته ) ثم ليقطع ( اي ثم ليمد الحبل حتى ينقطع فيموت مختنقا والمعنى فليختنق غيظا حتى يموت فإن الله ناصره ومظهره ولا ينفعه غيظه ومعنى فلينظر هل يذهبن كيده اي صنيعه وحيلته ما يغيظ اي غيظه وما مصدرية وقيل إن الضمير في ينصره يعود إلى من والمعنى من كان يظن ان الله لا يرزقه فليقتل نفسه وبه قال أبو عبيدة وقيل إن الضمير يعود إلى الدين اي من كان يظن ان لن ينصر الله دينه وقرأ الكوفيون بإسكان اللام في ثم ليقطع قال النحاس وهذه القراءة بعيدة من العربية ) وكذلك أنزلناه آيات بينات ( أي مثل ذلك الانزال البديع أنزلناه آيات واضحات ظاهرة الدلالة على مدلولاتها ) وأن الله يهدي من يريد ( هدايته ابتداء أو زيادة فيها لمن كان مهديا من قبل
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد اخرج عبدالرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ) ثاني عطفه ( قال لاوي عنقه وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والسدي وابن يزيد وابن جريج أنه المعرض وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله ) ثاني عطفه ( قال أنزلت في النضر بن الحارث وأخرج

الصفحة 447