كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 466 """"""
أثر نزول الماء بالنبات واستمرارها كذلك عادة وصيغة الاستقبال لاستحضار صورة الاخضرار مع الإشعار بتجدد الإنزال واستمراره وهذا المعنى لا يحصل إلا بالمستقبل والرفع هنا متعين لأنه لو نصب لانعكس المعنى المقصود من الآية فينقلب إلى نفى الاخضرار والمقصود إثباته قال ابن عطية هذا لا يكون يعنى الاخضرار فى صباح ليلة المطر إلا بمكة وتهامة والظاهر أن المراد بالاخضرار اخضرار الأرض فى نفسها لا باعتبار النبات فيها كما فى قوله ) فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت ( والمراد بقوله ) إن الله لطيف ( أنه يصل علمه إلى كل دقيق وجليل وقيل لطيف بأرزاق عباده وقيل لطيف باستخراج النبات ومعنى ) خبير ( أنه ذو خبرة بتدبير عباده وما يصلح لهم وقيل خبير بما ينطوون عليه من القنوط عند تأخير المطر وقيل خبير بحاجتهم وفاقتهم
الحج : ( 64 ) له ما في . . . . .
) له ما في السماوات والأرض ( خلقا وملكا وتصرفا وكلهم محتاجون إلى رزقه ) وإن الله لهو الغني ( فلا يحتاج إلى شئ ) الحميد ( المستوجب للحمد فى كل حال
الحج : ( 65 ) ألم تر أن . . . . .
) ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض ( هذه نعمة أخرى ذكرها الله سبحانه فأخبر عباده بأنه سخر لهم ما يحتاجون إليه من الدواب والشجر والأنهار وجعله لمنافعهم ) والفلك ( عطف على ما أو على اسم أن أى وسخر لكم الفلك فى حال جريها فى البحر وقرأ عبد الرحمن الأعرج ) والفلك ( بالرفع على الابتداء وما بعده خبره وقرأ الباقون بالنصب ومعنى ) تجري في البحر بأمره ( أى بتقديره والجملة فى محل نصب على الحال على قراءة الجمهور ) ويمسك السماء أن تقع على الأرض ( أى كراهة أن تقع وذلك بأنه خلقها على صفة مستلزمة للإمساك والجملة معطوفة على تجرى ) إلا بإذنه ( أى بإرادته ومشيئته وذلك يوم القيامة ) إن الله بالناس لرؤوف رحيم ( أى كثير الرأفة والرحمة حيث سخر هذه الأمور لعباده وهيأ لهم أسباب المعاش وأمسك السماء أن تقع على الأرض فتهلكهم تفضلا منه على عباده وإنعاما عليهم
الحج : ( 66 ) وهو الذي أحياكم . . . . .
ثم ذكر سبحانه نعمة أخرى فقال ) وهو الذي أحياكم ( بعد أن كنتم جمادا ) ثم يميتكم ( عند انقضاء أعماركم ) ثم يحييكم ( عند البعث للحساب والعقاب ) إن الإنسان لكفور ( أى كثير الجحود لنعم الله عليه مع كونها ظاهرة غير مستترة ولا ينافى هذا خروج بعض الأفراد عن هذا الجحد لأن المراد وصف جميع الجنس بوصف من يوجد فيه ذلك من أفراده مبالغة
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن سلمان الفارسي سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه الرزق وأمن من الفتانين واقرءوا إن شئتم ) والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ( إلى قوله ) حليم ( وإسناد ابن أبى حاتم هكذا حدثنا المسيب ابن واضح حدثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن شريح عن عبد الكريم بن الحرث عن أبى عقبة يعني أبا عبيدة ابن عقبة قال شرحبيل بن السمط طال رباطنا وإقامتنا على حصن بأرض الروم فمر بي سلمان يعني الفارسي قال سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكره وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابى أنه كان برودس فمروا بجنازتين أحدهما قتيل والآخر متوفى فمال الناس عن القتيل فقال فضالة مالي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا فقالوا هذا القتيل فى سبيل الله فقال والله ما أبالي من أى حفرتيهما بعثت اسمعوا كتاب الله ) والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ( الآية وإسناده عند ابن أبى حاتم هكذا حدثنا أبو زرعة عن زيد بن بشر أخبرني ضمام أنه سمع أبا قبيل وربيعة ابن سيف المغافري يقولان كنا برودس ومعنا فضالة بن عبيد الأنصاري صاحب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذكره قلت ويؤيد هذا قول الله سبحانه ) ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ( وأخرج ابن أبى حاتم عن مقاتل فى قوله ) ومن عاقب بمثل ما عوقب به ( قال إن النبى صلى
الصفحة 466
509