كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 468 """"""
لا يستخفنك ولا يغلبنك على دينك وقرأ الباقون ) ينازعنك ( من المنازعة ) وادع إلى ربك ( أى وادع هؤلاء المنازعين أو ادع الناس على العموم إلى دين الله وتوحيده والإيمان به ) إنك لعلى هدى مستقيم ( أى طريق مستقيم لا اعوجاج فيه
الحج : ( 68 ) وإن جادلوك فقل . . . . .
) وإن جادلوك ( أى وإن أبوا إلا الجدال بعد البيان لهم وظهور الحجة عليهم ) فقل الله أعلم بما تعملون ( أى فكل أمرهم إلى الله وقل لهم هذا القول المشتمل على الوعيد
الحج : ( 69 ) الله يحكم بينكم . . . . .
) الله يحكم بينكم ( أى بين المسلمين والكافرين ) يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون ( من أمر الدين فيتبين حينئذ الحق من الباطل وفى هذه الآية تعليم لهذه الأمة بما ينبغي لهم أن يجيبوا به من أراد الجدال بالباطل وقيل إنها منسوخة بآية السيف
الحج : ( 70 ) ألم تعلم أن . . . . .
وجملة ) ألم تعلم ( مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها والاستفهام للتقرير أى قد علمت يا محمد وتيقنت ) أن الله يعلم ما في السماء والأرض ( ومن جملة ذلك ما أنتم فيه مختلفون ) إن ذلك ( الذى فى السماء والأرض من معلوماته ) في كتاب ( أى مكتوب عنده فى أم الكتاب ) إن ذلك على الله يسير ( أى إن الحكم منه سبحانه بين عباده فيما يختلفون فيه يسير عليه غير عسير أو إن إحاطة علمه بما فى السماء والأرض يسير عليه
الحج : ( 71 ) ويعبدون من دون . . . . .
) ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا ( هذا حكاية لبعض فضائحهم أى إنهم يعبدون أصناما لم يتمسكوا فى عبادتها بحجة نيرة من الله سبحانه ) وما ليس لهم به علم ( من دليل عقل يدل على جواز ذلك بوجه من الوجوه ) وما للظالمين من نصير ( ينصرهم ويدفع عنهم عذاب الله وقد تقدم الكلام على هذه الآية فى آل عمران
الحج : ( 72 ) وإذا تتلى عليهم . . . . .
وجملة ) وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ( معطوفة على يعبدون وانتصاب بينات على الحال أى حال كونها واضحات ظاهرات الدلالة ) تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ( أى الأمر الذى ينكر وهو غضبهم وعبوسهم عند سماعها أو المراد بالمنكر الإنكار أى تعرف فى وجوههم إنكارها وقيل هو التجبر والترفع وجملة ) يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ( مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما ذلك المنكر الذى يعرف فى وجوههم فقيل يكادون يسطون أى يبطشون والسطوة شدة البطش يقال سطا به يسطو إذا بطش به بضرب أو شتم أو أخذ باليد وأصل السطو القهر
وهكذا ترى أهل البدع المضلة إذا سمع الواحد منهم ما يتلوه العالم عليهم من آيات الكتاب العزيز أو من السنة الصحيحة مخالفا لما اعتقده من الباطل والضلالة رأيت فى وجهه من المنكر ما لو تمكن من أن يسطو بذلك العالم لفعل به ما لا يفعله بالمشركين وقد رأينا وسمعنا من أهل البدع ما لا يحيط به الوصف والله ناصر الحق ومظهر الدين وداحض الباطل ودامغ البدع وحافظ المتكلمين بما أخذه عليهم المبينين للناس ما نزل إليهم وهو حسبنا ونعم الوكيل ثم أمر رسوله أن يرد عليهم فقال ) قل أفأنبئكم ( أى أخبركم ) بشر من ذلكم ( الذى فيكم من الغيظ على من يتلو عليكم آيات الله ومقاربتكم للوثوب عليهم وهو النار التى أعدها الله لكم فالنار مرتفعة على أنها خبر لمبتدإ محذوف والجملة جواب سؤال مقدر كأنه قيل ما هذا الأمر الذى هو شر مما نكابده ونناهده عند سماعنا ما تتلوه علينا فقال هو ) النار وعدها الله الذين كفروا ( وقيل إن النار مبتدأ وخبره جملة وعدها الله الذين كفروا وقيل المعنى أفأخبركم بشر مما يلحق تالي القرآن منكم من الأذى والتوعد لهم والتوثب عليهم وقرئ النار بالنصب على تقدير أعنى وقرئ بالجر بدلا من شر ) وبئس المصير ( أى الموضع الذى تصيرون إليه وهو النار
الآثار الواردة في تفسير الآيات
وقد أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس فى قوله ) هم ناسكوه ( قال يعني هم ذابحوه ) فلا ينازعنك في الأمر ( يعني فى أمر الذبح وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة نحوه وأخرج ابن أبى شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبى حاتم عن مجاهد نحوه أيضا وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال ) فلا ينازعنك في الأمر ( قول أهل الشرك أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلوه وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال وأخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس
الصفحة 468
509