كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 482 """"""
زوجين ومعنى الثانية من كل زوجين وهما أمة الذكر والأنثى اثنين وانتصاب أهلك بفعل معطوف على فاسلك لا بالعطف على زوجين أو على اثنين على القراءتين لأدائه إلى اختلاف المعنى أى واسلك أهلك ) إلا من سبق عليه القول منهم ( أى القول بإهلاكهم منهم ) ولا تخاطبني في الذين ظلموا ( بالدعاء لهم بإنجائهم وجملة ) إنهم مغرقون ( تعليل للنهي عن المخاطبة أى إنهم مقضى عليهم بالإغراق لظلمهم ومن كان هكذا فهو لا يستحق الدعاء له
المؤمنون : ( 28 ) فإذا استويت أنت . . . . .
) فإذا استويت ( أى علوت ) أنت ومن معك ( من أهلك وأتباعك ) على الفلك ( راكبين عليه ) فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين ( أى حال بيننا وبينهم وخلصنا منهم كقوله ) فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ( وقد تقدم تفسير هذه القصة فى سورة هود على التمام والمال وإنما جعل سبحانه استواءهم على السفينة نجاة من الغرق جزما لأنه قد سبق فى علمه أن ذلك سبب نجاتهم من الظلمة وسلامتهم من أن يصابوا بما أصيبوا به من العذاب
المؤمنون : ( 29 ) وقل رب أنزلني . . . . .
ثم أمره أن يسأل ربه ما هو أنفع له وأتم فائدة فقال ) وقل رب أنزلني منزلا مباركا ( أى أنزلني فى السفينة قرأ الجمهور منزلا بضم الميم وفتح الزاى على أنه مصدر وقرا زر بن حبيش وأبو بكر عن عاصم والمفضل بفتح الميم وكسر الزاى على أنه اسم مكان فعلى القراءة الأولى أنزلني إنزالا مباركا وعلى القراءة الثانية أنزلني مكانا مباركا قال الجوهرى والمنزل بفتح الميم والزاى النزول وهو الحلول تقول نزلت نزولا ومنزلا قال الشاعر أإن ذكرتك الدار منزلها جمل
بكيت فدمع العين منحدر سجل
بنصب منزلها لأنه مصدر قيل أمره الله سبحانه بأن يقول هذا القول عند دخوله السفينة وقيل عند خروجه منها والآية تعليم من الله لعباده إذا ركبوا ثم نزلوا أن يقولوا هذا القول ) وأنت خير المنزلين ( هذا ثناء منه على الله عز وجل إثر دعائه له قال الواحدي قال المفسرون إنه أمر أن يقول عند استوائه على الفلك الحمد لله وعند نزوله منها ) رب أنزلني منزلا مباركا )
المؤمنون : ( 30 ) إن في ذلك . . . . .
والإشارة بقوله ) إن في ذلك ( إلى ما تقدم مما قصه الله علينا من أمر نوح عليه السلام والآيات الدلالات على كمال قدرته سبحانه والعلامات التى يستدل بها على عظيم شأنه ) وإن كنا لمبتلين ( أى لمختبرين لهم بإرسال الرسل إليهم ليظهر المطيع والعاصي للناس أو للملائكة وقيل المعنى إنه يعاملهم سبحانه معاملة المختبر لأحوالهم تارة بالإرسال وتارة بالعذاب
المؤمنون : ( 31 ) ثم أنشأنا من . . . . .
) ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ( أى من بعد إهلاكهم قال أكثر المفسرين إن هؤلاء الذين أنشأهم الله بعدهم هم عاد قوم هود لمجئ قصتهم على إثر قصة نوح فى غير هذا الموضع ولقوله فى الأعراف ) واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ( وقيل هم ثمود لأنهم الذين أهلكوا بالصيحة وقد قال سبحانه فى هذه القصة ) فأخذتهم الصيحة ( وقيل هم أصحاب مدين قوم شعيب لأنهم ممن أهلك بالصيحة
المؤمنون : ( 32 ) فأرسلنا فيهم رسولا . . . . .
) فأرسلنا فيهم رسولا ( عدى فعل الإرسال بفى مع أنه يتعدى بإلى للدلالة على أن هذا الرسول المرسل إليهم نشأ فيهم بين أظهرهم يعرفون مكانه ومولده ليكون سكونهم إلى قوله أكثر من سكونهم إلى من يأتيهم من غير مكانهم وقيل وجه التعدية للفعل المذكور بفى أنه ضمن معنى القول أى قلنا لهم على لسان الرسول ) اعبدوا الله ( ولهذا جئ بأن المفسرة والأول أولى لأن تضمين أرسلنا معنى قلنا لا يستلزم تعديته بفى وجملة ) ما لكم من إله غيره ( تعليل للأمر بالعبادة ) أفلا تتقون ( عذابه الذى يقتضيه شرككم
المؤمنون : ( 33 ) وقال الملأ من . . . . .
) وقال الملأ من قومه ( أى أشرافهم وقادتهم ثم وصف الملأ بالكفر والتكذيب فقال ) الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة ( أى كذبوا بما فى الآخرة من الحساب والعقاب أو كذبوا بالبعث ) وأترفناهم ( أى وسعنا لهم نعم الدنيا فبطروا بسبب ما صاروا فيه ) في الحياة الدنيا ( من كثرة الأموال ورفاهة العيش ) ما هذا إلا بشر مثلكم (
الصفحة 482
509