كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 494 """"""
متعلق بناكبون والمعنى أن هؤلاء الموصوفين بعدم الإيمان بالآخرة عن ذلك الصراط أو جنس الصراط لعادلون عنه
المؤمنون : ( 75 ) ولو رحمناهم وكشفنا . . . . .
ثم بين سبحانه أنهم مصرون على الكفر لا يرجعون عنه بحال فقال ) ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر ( أى من قحط وجدب ) للجوا في طغيانهم ( أى لتمادوا فى طغيانهم وضلالهم ) يعمهون ( يترددون ويتذبذبون ويخبطون وأصل اللجاج التمادي فى العناد ومنه اللجة بالفتح لتردد الصوت ولجة البحر تردد أمواجه ولجة الليل ترد ظلامه وقيل المعنى لوردناهم إلى الدنيا ولم ندخلهم النار وامتحناهم للجوا فى طغيانهم
المؤمنون : ( 76 ) ولقد أخذناهم بالعذاب . . . . .
) ولقد أخذناهم بالعذاب ( جملة مستأنفة مسوقة لتقرير ما قبلها والعذاب قيل هو الجوع الذى أصابهم فى سنى القحط وقيل المرض وقيل القتل يوم بدر واختاره الزجاج وقيل الموت وقيل المراد من أصابه العذاب من الأمم الخالية ) فما استكانوا لربهم ( أى ماخضعوا ولا تذللوا بل أقاموا على ما كانوا فيه من التمرد على الله والانهماك فى معاصيه ) وما يتضرعون ( أى وما يخشعون لله فى الشدائد عند إصابتها لهم ولا يدعونه لرفع ذلك
المؤمنون : ( 77 ) حتى إذا فتحنا . . . . .
) حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد ( قيل هو عذاب الآخرة وقيل قتلهم يوم بدر بالسيف وقيل القحط الذى أصابهم وقيل فتح مكة ) إذا هم فيه مبلسون ( أى متحيرون لا يدرون ما يصنعون والإبلاس التحير والإياس من كل خير وقرأ السلمي ) مبلسون ( بفتح اللام من أبلسه أى أدخله فى الإبلاس وقد تقدم فى الأنعام
المؤمنون : ( 78 ) وهو الذي أنشأ . . . . .
) وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار ( امتن عليهم ببعض النعم التى أعطاهم وهى نعمة السمع والبصر ) والأفئدة ( فصارت هذه الأمور معهم ليسمعوا المواعظ وينظروا العبر ويتفكروا بالأفئدة فلم ينتفعوا بشيء من ذلك لإصرارهم على الكفر وبعدهم عن الحق ولم يشكروه على ذلك ولهذا قال ) قليلا ما تشكرون ( أى شكرا قليلا حقيرا غير معتد به باعتبار تلك النعم الجليلة وقيل المعنى أنهم لا يشكرونه ألبتة لا أن لهم شكرا قليلا كما يقال لجاحد النعمة ما أقل شكره أى لا يشكر ومثل هذه الآية قوله ) فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم )
المؤمنون : ( 79 ) وهو الذي ذرأكم . . . . .
) وهو الذي ذرأكم في الأرض ( أى بثكم فيها كما تبث الحبوب لتنبت وقد تقدم تحقيقه ) وإليه تحشرون ( أى تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم
المؤمنون : ( 80 ) وهو الذي يحيي . . . . .
) وهو الذي يحيي ويميت ( على جهة الانفراد والاستقلال وفى هذا تذكير لنعمة الحياة وبيان الانتقال منها إلى الدار الآخرة ) وله اختلاف الليل والنهار ( قال الفراء هو الذى جعلهما مختلفين يتعاقبان ويختلفان فى السواد والبياض وقيل اختلافهما نقصان أحدهما وزيادة الآخر وقيل تكررهما يوما بعد يوم وليلة بعد ليلة ) أفلا تعقلون ( كنه قدرته وتتفكرون فى ذلك
المؤمنون : ( 81 ) بل قالوا مثل . . . . .
ثم بين سبحانه أن لا شبهة لهم فى إنكار البعث إلا التشبث بحبل التقليد المبني على مجرد الاستبعاد فقال ) بل قالوا مثل ما قال الأولون ( أى آباؤهم والموافقون لهم فى دينهم
المؤمنون : ( 82 ) قالوا أئذا متنا . . . . .
ثم بين ما قاله الأولون فقال ) قالوا أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ( فهذا مجرد استبعاد لم يتعلقوا له بشيء من الشبه
المؤمنون : ( 83 ) لقد وعدنا نحن . . . . .
ثم كملوا ذلك القول بقولهم ) لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل ( أى وعدنا هذا البعث ووعده آباؤنا الكائنون من قبلنا فلم نصدقه كما لم يصدقه من قبلنا ثم صرحوا بالتكذيب وفروا إلى مجرد الزعم الباطل فقالوا ) إن هذا إلا أساطير الأولين ( أى ما هذا إلا أكاذيب الأولين التى سطروها فى الكتب جمع أسطورة كأحدوثة والأساطير الأباطيل والترهات والكذب
الآثار الواردة في تفسير الآيات وسبب النزول
وقد أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح فى قوله ) أم لم يعرفوا رسولهم ( قال عرفوه ولكنهم حسدوه وفى قوله ) ولو اتبع الحق أهواءهم ( قال الحق الله عز وجل وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فى قوله ) بل أتيناهم بذكرهم ( قال بينا لهم وأخرجوا عنه فى قوله ) عن الصراط لناكبون ( قال عن الحق لحائدون وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم

الصفحة 494