كتاب تفسير فتح القدير (الفكر) (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 500 """"""
الباقون بكسرها وفرق بينهما أبو عمرو فجعل الكسر من جهة الهزو والضم من جهة السخرية قال النحاس ولا يعرف هذا الفرق الخليل ولا سيبويه ولا الكسائي ولا الفراء وحكى الثعلبي عن الكسائي أن الكسر بمعنى الاستهزاء والسخرية بالقول والضم بمعنى التسخير والاستبعاد بالفعل ) حتى أنسوكم ذكري ( أى اتخذتموهم سخريا إلى هذه الغاية فإنهم نسوا ذكر الله لشدة اشتغالهم بالاستهزاء ) وكنتم منهم تضحكون ( فى الدنيا والمعنى حتى نسيتم ذكري باشتغالكم بالسخرية والضحك فنسب ذلك إلى عباده المؤمنين لكونهم السبب
المؤمنون : ( 111 ) إني جزيتهم اليوم . . . . .
وجملة ) إني جزيتهم اليوم بما صبروا ( مستأنفة لتقرير ما سبق والباء فى بما صبروا للسببية ) أنهم هم الفائزون ( قرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة على الاستئناف وقرأ الباقون بالفتح أى لأنهم الفائزون ويجوز أن يكون منصوبا على أنه المفعول الثاني للفعل
المؤمنون : ( 112 ) قال كم لبثتم . . . . .
) قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين ( القائل هو الله عز وجل وتذكيرا لهم كم لبثوا لما سألوا الرجوع إلى الدنيا بعد أن أخبرهم بأن ذلك غير كائن كما فى قوله اخسئوا فيها والمراد بالأرض هى الأرض التى طلبوا الرجوع إليها ويحتمل أن يكون السؤال عن جميع ما لبثوه فى الحياة وفى القبور وقيل هو سؤال عن مدة لبثهم فى القبور لقوله ) في الأرض ( ولم يقل على الأرض ورد بمثل قوله تعالى ) ولا تفسدوا في الأرض ( وانتصاب عدد سنين على التمييز لما فى كم من الإبهام وسنين بفتح النون على أنها نون الجمع ومن العرب من يخفضها وينونها
المؤمنون : ( 113 ) قالوا لبثنا يوما . . . . .
) قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ( استقصروا مدة لبثهم لما هم فيه من العذاب الشديد وقيل إن العذاب رفع عنهم بين النفختين فنسوا ما كانوا فيه من العذاب فى قبورهم وقيل أنساهم الله ما كانوا فيه من العذاب من النفخة الأولى إلى النفخة الثانية ثم لما عرفوا ما أصابهم من النسيان لشدة ما هم فيه من الهول العظيم أحالوا على غيرهم فقالوا ) فاسأل العادين ( أى المتمكنين من معرفة العدد وهم الملائكة لأنهم الحفظة العارفون بأعمال العباد وأعمارهم وقيل المعنى فاسأل الحاسبين العارفين بالحساب من الناس وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ? قل كم لبثتم فى الأرض ? على الأمر والمعنى قل يا محمد للكفار أو يكون أمرا للملك بسؤالهم أو التقدير قولوا كم لبثتم فأخرج الكلام مخرج الأمر للواحد والمراد الجماعة وقرأ الباقون ) قال كم لبثتم ( على أن القائل هو الله عز وجل أو الملك
المؤمنون : ( 114 ) قال إن لبثتم . . . . .
) قال إن لبثتم إلا قليلا ( قرأ حمزة والكسائي ? قل إن لبثتم ? كما فى الآية الأولى وقرأ الباقون قال على الخبر وقد تقدم توجيه القراءتين أى ما لبثتم فى الأرض إلا لبثا قليلا ) لو أنكم كنتم تعلمون ( شيئا من العلم والجواب محذوف أى لو كنتم تعلمون لعلمتم اليوم قلة لبثكم فى الأرض أو فى القبور أو فيهما فكل ذلك قليل بالنسبة إلى لبثهم
المؤمنون : ( 115 ) أفحسبتم أنما خلقناكم . . . . .
ثم زاد سبحانه فى توبيخهم فقال ) أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا ( الهمزة للتوبيخ والتقرير والفاء للعطف على مقدر كما تقدم بيانه فى مواضع أى ألم تعلموا شيئا فحسبتم وانتصاب عبثا على الحال أى عابثين أو على العلة أى للعبث قال بالأول سيبويه وقطرب وبالثاني أبو عبيدة وقال أيضا يجوز أن يكون منتصبا على المصدرية وجملة ) وأنكم إلينا لا ترجعون ( معطوفة على أنما خلقناكم عبثا والعبث فى اللغة اللعب يقال عبث يعبث عبثا فهو عابث أى لاعب وأصله من قولهم عبثت الأقط أى خلطته والمعنى أفحسبتم أن خلقنا لكم للإهمال كما خلقت البهائم ولا ثواب ولا عقاب وأنكم إلينا لا ترجعون بالبعث والنشور فنجازيكم بأعمالكم قرأ حمزة والكسائي ) ترجعون ( بفتح الفوقية وكسر الجيم مبنيا للفاعل وقرأ الباقون على البناء للمفعول وقيل إنه يجوز عطف وأنكم إلينا لا ترجعون على عبثا على معنى أنما خلقناكم للعبث ولعدم الرجوع
المؤمنون : ( 116 ) فتعالى الله الملك . . . . .
ثم نزه سبحانه نفسه فقال ) فتعالى الله ( أى تنزه عن الأولاد والشركاء أو عن أن يخلق شيئا عبثا أو عن جميع ذلك وهو ) الملك ( الذى يحق له الملك على الإطلاق ) الحق ( فى جميع أفعاله وأقواله ) لا إله إلا هو رب العرش الكريم (
الصفحة 500
509