كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

قال يحيى بن أبي عمرو السِّيباني، قال رسول الله - رضي الله عنه -: "فارسُ نَطْحةٌ أو نَطْحتَان، ثم لا فارسَ بعدَها أَبَدًا، والرُّومُ ذاتُ القرونِ، كلَّما ذَهب قَرْن خَلَفَه قَرْن هيهاتَ هيهاتَ إلى آخر الأبد" (¬1).
وفيها: قدم ضِماد الأَزْدي مكة. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قدم ضماد مكة، وكان من أَزْدِ شَنوءة، وكان يرقي من الريح، فسمع سفهاء قريش يقولون: إن محمدًا لمجنون، فقال: لو أني لقيت هذا الرجل فلعل الله أن يشفيه على يدي، قال: فلقيته. فقلت: يا محمد، إني أرقي من الريح والله يشفي على يدي من يشاء، فهل لك؟ قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحمدُ لله نَحمدُه ونَستَعينُه، مَن يَهْدي اللهُ فلا مُضِل له، ومَن يضلل فلا هاديَ لَه، أَشْهدُ أنْ لا إلَه إلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا عبدُه ورسُوله، أما بعدُ". فقال له ضِماد: أعد علي ما قلت -أو أعد علي كلماتك هؤلاء- فأعادهن عليه ثلاثًا. فقال ضماد: لقد سمعت كلام الكهان والسحرة والشعراء فما سمعت مثل كلماتك هذه، لقد بلغن قاموس البحر، هات يدك أبايعك على الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وعَلى قَومِكَ"؟ فقال: وعلى قومي. فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك سرية، فمرت بقوم ضِماد، فقال صاحب الجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئًا؟ فقال رجل: أصبت منهم إِداوة. فقال: اردُدها، فإن هؤلاء قوم ضِماد (¬2).
ولما دخلت السنة التاسعة من النبوة، مرض أبو طالب وهم في الشعب.
* * *
¬__________
(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 298، ونعيم بن حماد في "الفتن" (1346)، وهو مرسل بين السيباني والنبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن محيريز.
(¬2) أخرجه مسلم (868).

الصفحة 120