كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

وحكى هشام بن محمد، عن أبيه قال: لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أُسري به، فلما كان بذي طُوى، قال: يا جبريل، إن قومي لا يصدقوني. قال: يصدقك أبو بكر، وهو الصديق - رضي الله عنه - (¬1).

فصول تتعلق بالمعراج
منها: أن مذهب عامة الصحابة، والتابعين، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين: أن الله عزَّ وجلَّ عرج بنبيه - صلى الله عليه وسلم - جَسدِه وروحِه. وحكي عن معاوية بن أبي سفيان: أنه إنما عرج بروحِه دون جسده (¬2). وقال الواقدي: كان الإسراء بجسده إلى بيت المقدس، وإلى السماء بروحه.
وذكر السهيلي (¬3) في "شرح السيرة": واحتج ابن إسحاق لمعاوية بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَينَاكَ إلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60]، وفي حديث أنس (¬4) وأم هانئ: "فاستيقظتُ وأنا في المسجد الحرام" (¬5).
وقالت عائشة - رضي الله عنهما -: أسري بروح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو نائم على فراشه، وما فقدت جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6).
وجه ما روي أنه عرج بروحه إلى البيت المقدس، وروحه إلى السماء قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1] جعلَ الإسراء إلى القدسِ غايةً لمعراجه ومن هناك عرج بروحه.
ووجه قول الأولين قولُه تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيلًا} الآية، ذكر الجُملةَ، ولو كان منامًا لقال بروحه، لأنه لو كان منامًا لم تكن معجزة، ولا أنكرته
¬__________
(¬1) أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 183 من حديث أم هانئ، وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7173) من حديث أبي هريرة.
(¬2) انظر "السيرة" لابن هشام 2/ 34.
(¬3) في (خ): "الثعلبي".
(¬4) أخرجه البخاري (7517) من حديث أنس، ولم نقف عليه من حديث أم هانئ.
(¬5) "الروض الأنف" 2/ 191.
(¬6) أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (مسند علي) ص 447، وانظر "السيرة" لابن هشام 2/ 34.

الصفحة 143