فذهب أسيد بن حُضَير إلى أسعد، فقال له: ما لنا وما لك قد أتيتنا بهذا الرجل الغريب يُسَفِّه ضعفاءَنا. فقال: أَوَتجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته تركته. فقال: أنصفت.
فجلس فقرأ عليه مصعب القرآن، وعرض عليه الإسلام، فقال أسيد: ما أحسن هذا وأجمله! كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الدين؟ قال: نتطهرُ، ونُطَهِّرُ ثيابنا، ونشهد شهادة الحق، ففعل ذلك. وخرج فأخبر سعد بن معاذ فجاء إليهم، فدعاه مصعب إلى الإسلام فأسلم، وجاء حتى وقف على بني عبد الأشهل فقال: أَيُّ رجل تعلمون أنا؟ قالوا: خيرنا وأفضلنا. فقال: إن كلامَ رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا، وتؤمنوا بالله، وتصدقوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: فوالله ما أمسى في ذلك اليوم رجل وامرأة من بني عبد الأشهل حتى أسلموا (¬1).
قال ابن إسحاق: لما فشا الإسلام في المدينة وكثر المسلمون، عاد مصعب بن عمير إلى مكة وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَسُرَّ بذلك، وكان رجوع مصعب إلى مكة قبل العقبة الثانية (¬2).
* * *
¬__________
(¬1) انظر "السيرة" لابن هشام 2/ 58 - 60، و"دلائل النبوة" 2/ 431 - 432.
(¬2) انظر "السيرة" لابن هشام 2/ 61.