وفيها: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار واختلفوا في عددهم على أقوال:
أحدها: أنهم كانوا تسعين رجلًا، خسمة وأربعين من المهاجرين وخمسة وأربعين من الأنصار (¬1).
قال أنس بن مالك - رضي الله عنه -: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حالف بين المهاجرين والأنصار (¬2).
[وكان ذلك] قبل وقعة بدر على الحق والمواساة، ويتوارثون بعد الموتِ دون ذوي الأرحام، وهم تسعون رجلًا، خمسة وأربعون من المهاجرين وخمسة وأربعون من الأنصار، فلما كانت غَزاةُ بدر، وأنزل الله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] نسخت آية المواريث المؤاخاة، ورجع كل إنسان إلى نسبه، وورث أولو الأرحام، وبقيت المؤاخاة فيما دون الميراث (¬3). ومعنى حالف أي: آخى.
والثاني: أنهم كانوا ثلاث مئة.
والثالث: مئتين.
والرابع: مئة، خمسون من هؤلاء، وخمسون من هؤلاء.
وفيها: أسلم عبد الله بن سَلَام بن الحارث (¬4) أبو يوسف، قال عبد الله بن سلام:
¬__________
= حفر منا الميت أتيناه فأخبرناه، فحضره واستغفر له، حتى إذا قبض انصرف ومن معه، وربما قعد حتى يدفن، وربما طال ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حبسه، فلما خشينا مشقة ذلك عليه قال بعض القوم لبعض: والله لو كنا لا نؤذن النبي بأحد حتى يقبض فإذا قبض آذناه فلم تكن لذلك مشقة عليه ولا حبس، قال: ففعلنا ذلك، فكنا نؤذنه بالميت بعد أن يموت، فيأتيه فيصلي عليه ويستغفر له. فربما انصرف عند ذلك وربما مكث حتى يدفن الميت، فكنا على ذلك أيضًا حينًا، ثم قالوا: والله لو أنا لم نشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحملنا الميت إلى منزله حتى نرسل إليه فيصلي عليه عند بيته لكان ذلك أرفق به وأيسر عليه، ففعلنا ذلك.
قال الواقدي: فمن هناك سمي ذلك الموضع موضع الجنائز، لأن الجنائز حملت إليه .. وانظر "أخبار المدينة" لابن شبة 1/ 7 - 8.
(¬1) انظر "الطبقات الكبرى"1/ 204 - 205.
(¬2) أخرجه البخاري (7340)، ومسلم (2529).
(¬3) انظر "الطبقات الكبرى"1/ 204 - 205، وما بين حاصرتين زيادة منه.
(¬4) في النسخ "الحصين" والمثبت من مصادر ترجمته، ويقال: كان اسمه الحصين فغيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. انظر "الطبقات الكبرى" 5/ 377.