كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

فصل وفيها توفي

جُلَيبيب (¬1)
من بني ثعلبةَ، حليف الأنصار، وهو من الطبقة الأولى من الأنصار.
قال الإِمام أحمد: حدثنا عفان، وقال ابن سعد: حدثنا عارم قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن كِنانة بن نُعَيم العَدَوي، عن أبي بَرْزَةَ الأسلمي: أن جُلَيبيبًا كان امرءًا من الأنصار، وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان لأحدهم أيَّمٌ، لم يزوَّجْها حتى يُعْلِمَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ألَهُ فيها حاجةٌ أم لا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم لرجل من الأنصار: "أَتُزوَّجني ابْنَتَك"؟ قال: نعم. قال: "لَستُ أُريدُها لِنَفْسِي" قال: فَلِمَن؟ قال: "جُلَيبيب"، قال: حتى أستأمر أُمَّها، فأَخبرها. فقالت: حَلْقى، لَعَمْرُ اللهِ لا أُزوِّجُها، فلما قام أبوها ليأتيَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت الفتاةُ من خِدرها: من خطبني إليكما؟ قالا: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: أفتردَّانِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره؟ ادْفَعاني إليه، فإنه لا يُضَيِّعُني.
فذهب أبوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: شأنك بها، فزوِّجْها من شئت. فزوَّجها جُلَيْبيبًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهمَّ صُبَّ عليهمُ الخَيْرَ صَبًّا، ولا تَجعَل عَيشَهُما كدًّا". فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغزى له، قال: "هَل تَفْقِدُونَ من أَحَدٍ"؟ قالوا: نفقد فلانًا وفلانًا. فقال: "ولَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيبيبًا. فَاطْلُبُوه"، فوجدوه في القتلى إلى جانب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذا منَّي وأنا مِنهُ"، فوضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ساعديه حتى حفروا له، ماله سَريرٌ إلَّا ساعِدَيْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وضعه في قبره. قال ثابت: فما كان في الأنصار أيِّمٌ أنْفَقَ منها (¬2).
وقول المرأة: "حلقى" بإسكان اللام مخففة معناه: أصابها وجع في حلقها.

خلاّد بن سُوَيْد
ابن ثعلبةَ الأنصاري الخزرجي (¬3) من الطبقة الأولى من الأنصار، وأمه عَمْرة بنت
¬__________
(¬1) "الطبقات الكبرى" 5/ 393، و"المنتظم" 3/ 241، و"الإصابة" 1/ 242.
(¬2) أخرجه ابن سعد "الطبقات الكبرى" 5/ 393 - 394، وأحمد في "مسنده" (19784).
(¬3) "الطبقات الكبرى" 5/ 491، و"تاريخ الطبري" 2/ 593، و"المنتظم" 3/ 242، و"الإصابة" 1/ 454.

الصفحة 355