كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

عينيه، ثم قال: السلام عليك يا رسول الله، أما إني أشهد أنك رسول الله. فلما رأى أهل سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وضع رأسه في حجره ذُعِروا من ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أمَر مِنْ ملائكتِه عَدَدَكُم ليشهدوا وفاة سعد" (¬1).
وقال الحسن: لما مات سعد، وكان سمينًا جَزْلًا، جعل المنافقون وهم يمشون خَلْفَ جِنازته يقولون: لم نرَ كاليوم رجلًا أخف. وقالوا: تدرون لم ذلك؟ لِحُكْمِه في بني قريظة، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "والذي نَفْسِي بيَدِه لَقَد كَانَتِ المَلائِكَةُ تَحمِلُ سَرِيرَهُ". (¬2)
وقال ابن عمر رضوان الله عليهما: بلغني أنه شهد سعد بن معاذ سبعون ألف ملك لم ينزلوا إلى الأرض. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد ضُمَّ صاحبُكم ضمَّةً، ثم فُرَّجَ عنه (¬3) ".
وفي رواية: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي في جنازته على رؤوس أصابعه، فقيل له في ذلك: فقال: أمَا قَدَرتُ أَن أَضَعَ قَدمي على الأَرْضِ مِن كَثْرةِ ما نَزَلَ مِنَ الملائِكَةِ في جَنَازتهِ (¬4) ".
وفي رواية ابن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَذا العَبدُ الصَّالِحُ الذي تَحرَّكَ له العَرشُ، وفُتِحتْ له أَبوابُ السَّماءِ، وشَهِدَه سَبعونَ ألفًا مِنَ الملائِكَةِ لم يَنزِلوا الأرضَ قبلَ ذَلكَ، ولَقَد ضُمَّ ضَمَّةً، ثم أُفرِجَ عنه (¬5) ".
وفي رواية عن سعيد المقبري قال: لما دَفَنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعدًا قال: لو نجا أحد من ضَغْطَةِ القبر، لنجا سعد، ولقد ضُمَّ ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول (¬6).
وقال جابر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَد اهتَزَّ العَرشُ لمَوتِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ" (¬7).
¬__________
(¬1) "الطبقات الكبرى" 3/ 395.
(¬2) "الطبقات الكبرى" 3/ 397.
(¬3) "الطبقات الكبرى" 3/ 397.
(¬4) لم نقف على هذه الرواية.
(¬5) "الطبقات الكبرى" 3/ 398.
(¬6) "الطبقات الكبرى" 3/ 398.
(¬7) أخرجه البخاري (3803).

الصفحة 358