كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

وفيها: كانت سرية عُكَّاشةَ بن مِحْصَن إلى الغَمْر (¬1)، في ربيع الآخرة، وهو ماء لبني أسد على ليلتين من فَيْد، ويقال له: غَمْر مرزوق، خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) في أربعين رجلًا منهم ثابت بن أَقْرَم، وشجاع بن وهب، فنزل ماءهم فهربوا، فساق مئتي بعير إلى المدينة.
وفيها: كانت سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القَصَّةِ (¬3)، في ربيع الآخر، وبين ذي القَصَّةِ والمدينةِ أربعةٌ وعشرون ميلًا من ناحية الرَّبَذةِ، وكان مع محمد عشرة من الأنصار، فَبَدرهُم العدوُّ فقتلوهم، ونجا محمد جريحًا مُثْخنًا.
وفيها: كانت سرية أبي عبيدةَ بن الجراح - رضي الله عنه - إلى ذي القَصَّة أيضًا (¬4)، يطلب ثأرًا له، للذين قُتِلوا مع محمد، وكان هناك أنمار، وثعلبة، ومحارب، وكان أبو عبيدة في أربعين رجلًا، فلما بلغهم مجيئه هربوا في الجبال، فاستاق نَعَمَهمُ إلى المدينة،
¬__________
(¬1) "المغازي" 2/ 550، و"الطبقات الكبرى" 2/ 81، و"أنساب الأشراف" 1/ 455، و"تاريخ الطبري" 2/ 640، و"المنتظم" 3/ 253، و"البداية والنهاية" 4/ 178.
(¬2) كذا، والذي في المصادر أن الذي خرج هو عكاشة.
(¬3) "المغازي" 2/ 551، و"الطبقات الكبرى" 2/ 81، و"أنساب الأشراف" 1/ 455، و"تاريخ الطبري" 2/ 641، و"المنتظم" 3/ 254، و"البداية والنهاية" 4/ 178.
(¬4) "المغازي" 2/ 552، و"الطبقات الكبرى" 2/ 82، و"أنساب الأشراف" 1/ 455، و"تاريخ الطبري" 2/ 641، و"المنتظم" 3/ 255، و"البداية والنهاية" 4/ 178.
وقد جعل المصنف خروج أبي عبيدة لطلب الثأر وسريته خروجًا واحدًا، وقد ذكر علماء السير أن خروج أبي عبيدة خروجان، الأول: بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أربعين رجلًا إلى مصارع القوم، فلم يجدوا أحدًا، ووجدوا نعمًا وشاء فساقه ورجع كما ذكر ذلك ابن سعد 2/ 82، والبلاذري 1/ 455، وابن الجوزي في "المنتظم" 3/ 255 عقب سرية محمد بن مسلمة.
وأما الثاني: السرية التي خرج فيها كانت بعد شهر من سرية محمد بن مسلمة، وقصتها: قالوا: أجدبت بلاد بني ثعلبة وأنمار، ووقعت سحابة بالمِراض إلى تَغْلَمَين، والمراض على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة، فسارت بنو محارب وثعلبة وأنمار إلى تلك السحابة، وأجمعوا أن يغيروا على سرح المدينة وهو يرعى بهيفا - موضع على سبعة أميال من المدينة - فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة بن الجراح في أربعين رجلًا من المسلمين حين صلوا المغرب، فمشوا إليهم حتى وافوا ذا القصة مع عماية الصبح، فأغاروا عليهم فأعجزوهم هربًا في الجبال، وأصاب رجلًا واحدًا، فأسلم وتركه، فأخذ نعمًا من نعمهم فاستاقه ورثة من متاعهم، وقدم بذلك المدينة، فخمَّسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقسم ما بقي عليهم.

الصفحة 365