كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

على قريش، وأفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو في سبعين راكبًا أسلموا وهاجروا، وكرهوا أن يَقْدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هدنة المشركين، فلحقوا بأبي بَصير، وكان أبو بَصير يَؤُمُّ بأصحابه، فلما قدم أبو جندل كان هو الإمامَ، واجتمع إليهم أُناس من بني غِفار وأسلمَ وجُهَينَة، وطوائفُ مسلمون حتى بلغوا ثلاث مئة مقاتل، فأرسلت قريش أبا سفيان بن حرب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه ويتضرعون إليه أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم أن يَقْدِموا عليه، وشكَوْا إليه ما يلاقون منهم، ولم يزل أبو بصير وأبو جندل وأصحابُهما بذلك المكان حتى مرَّ بهم أبو العاص من الشام في رِفْقة من قريش، فأخذوهم وأخذوا ما معهم، ولم يقتلوا منهم أحدًا لأجل أبي العاص وخَلَّوْا سبيله، فقدم المدينة فجاء إلى زينب - عليها السلام -، واستجار بها، وكلَّمها في أصحابه وما أُخِذَ لهم. فكلَّمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقام خطيبًا وقال: "إنَّا صَاهَرنَا أُناسًا، وصَاهَرنا أَبا العاصِ فَنِعم الصِّهْرُ وجَدناهُ، وإنَّه أَقَبَل من الشَّام ومَعَه رِفقَةٌ، فأَخَذَهم أَبو جَنْدَلٍ وأَبو بَصِيرٍ، وأَخَذوا ما كانَ مَعَهم، وقد سَأَلتني زَينبُ أَن أُجِيرَهُم، فَهَل أَنتُم مجيرونَ أَبا العاصِ وأصحابَه"؟ قال الناس: نعم.
وبلَغ أبا بصيرٍ وأبا جندلٍ، فردوا عليهم جميع ما أخذوه حتى العِقالَ، وكتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرهم بالقدوم عليه (¬1).
* * *

وفيها: كانت سريةُ زيدٍ - أيضًا - إلى الطَّرَفِ (¬2) ما دون النُّخَيل على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة قريبًا من المِراضِ في خمسةَ عشر رجلًا، فأغار على بني ثعلبة وعاد سالمًا.
* * *
¬__________
(¬1) "دلائل النبوة" 4/ 174 - 175.
(¬2) "المغازي" 2/ 555، و"الطبقات الكبرى" 2/ 84، و"أنساب الأشراف" 1/ 455، و"تاريخ الطبري" 2/ 641، و"دلائل النبوة" 2/ 84، و"المنتظم" 3/ 257، و"البداية والنهاية" 4/ 178.

الصفحة 367