كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

قال سلمة: خرجت مع أبي بكر في سرية، فأخذتُ امرأةً معها ابنةٌ لم يكن في العرب أحسنُ منها، فلما قدمنا المدينة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا سَلَمةُ، هَبْها لي". فقلت: هي لك يا رسول الله، والله ما كشفت لها ثوبًا. فبعث بها إلى مكة ففدى بها أسارى من المسلمين (¬1).
* * *

وفيها: كانت سرية عبد الله بن رَواحة (¬2) إلى أُسَيْرِ بن رِزام (¬3) اليهودي بخيبر في شوال، وكانت اليهود قد أمَّرته عليها بعد قتل أبي رافع، فسار في القبائل يحرضهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث إليه عبدَ الله ابن رواحة، وعبدَ الله بن أُنَيس، وآخرَ، فلما جاؤوا إليه قالوا له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استعملك على خيبر، فاقدم عليه ليحسن إليك. فخرج معهم فلما وصل قَرْقَرةَ، ندم وعزم على الهرب، ففهم عبد الله بن أنيس حاله فقال: أغَدْرًا يا عدو الله، فقتله.
* * *

وفيها: كانت سرية كُرْز بن جابر إلى العُرَنِيِّين (¬4)، في شوال، في عشرين فارسًا. قال الإمام أحمد بن حنبل: حدثنا ابن أبي عدي، عن حُمَيد، عن أنس قال: أسلَمَ ناسٌ من عُرَيْنةَ فاجتوَوا المدينة، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو خَرَجتُم إلى ذَوْدٍ لَنا فَشَربتُم من أَلْبانِها" - ما قال حميد، وقال قتادة عن أنس: "وأَبْوَالِها" - فلما صَحُّوا كفروا بعد إسلامهم، وقتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساقوا الذَّوْدَ وهربوا، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم، فأُخِذوا، فقَطَّعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيديَهم وأرجلَهم، وسَمَر أَعينهم، وتركهم في
¬__________
(¬1) سيذكرها المصنف في السنة السابعة.
(¬2) انظر "السيرة" 2/ 618، و"المغازي" 2/ 566، و"الطبقات الكبرى" 2/ 88، و"أنساب الأشراف" 1/ 457، و"المنتظم" 3/ 262.
(¬3) في "السيرة": اليسير بن رزام، وقال ابن هشام: ويقال: رازم.
(¬4) انظر "السيرة" 2/ 640، و"المغازي" 2/ 568، و"الطبقات الكبرى" 2/ 89، و"أنساب الأشراف" 1/ 457، و"تاريخ الطبري" 2/ 644، و"دلائل النبوة" للبيهقي 4/ 85، و"المنتظم" 3/ 263، و"البداية والنهاية" 4/ 179.

الصفحة 370