كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

الله، تزوجها أبو جهم (¬1).
قال المِسْوَر: كانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بعد ما شرط سهيل بن عمرو على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد إليهم من جاء مسلمًا، وكانت أم كلثوم عاتق فجاء أهلها يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُرْجِعها إليهم، فلم يرجعها لِما نزل فيهن: {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} الآيات إلى قوله: {وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (¬2) [الممتحنة: 10].
قال عروة: فأخبرتني عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحنهن بهذه الآية إلى قوله {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 10].
قال: فمن أقرت بهذا الشرط منهن، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد بايَعْتُكِ" كلامًا يُكلِّمُها به، والله ما مسَّتْ يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله (¬3).
وقال ابن عباس: لما كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين أهل مكة الكتاب، وفيه: من أتاه منهم رده عليهم، ومن أتى مكة من أصحابه لم يردوه عليه، وختم الكتاب، جاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة، وزوجها مسافر من بني مخزوم وكان كافرًا - وقال مقاتل: إن زوجها صيفي بن الراهب - فقال: يا محمد، اردد علي زوجتي فقد شرطتَ لنا ما شرطتَ، وهذه طينةُ الكتاب لم تجفَّ بعد. فأنزل الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} (¬4) [الممتحنة: 10] أي: اختبروهن، فيستحلفن أنهن ما خرجن بسببٍ غير الإسلام، فحلفت سُبيعةُ فأعطى زوجَها مهرَها، وما أنفق عليها ولم يردَّها عليه. فتزوجها عمرُ بن الخطاب - رضي الله عنه - فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يردُّ من جاءَهُ من الرجال، ولا يردُّ من جاءه من النساء بعد الامتحان، ويعطي أزواجهن مهورَهن وما أنفقوا عليهن.
وقال مجاهد: كان عند طلحةَ بن عُبَيْدِ الله أروى بنتُ ربيعةَ بن الحارث بن عبد
¬__________
(¬1) "السيرة" 2/ 327.
(¬2) أخرجه البخاري (2711).
(¬3) أخرجه البخاري (2713).
(¬4) انظر "تفسير البغوي" 4/ 332.

الصفحة 382