كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

ما ندري كيف هو، ما شددنا منه خُصْمًا إلا انفتح خُصْمٌ آخرُ (¬1).
"الخُصْمُ": جانب العِدْلِ وزاويتُه، وخُصْمُ كل شيء جانبه وناحيته. وأشار سهل إلى يوم صفين وهو كناية عن انتشار الأمر وصعوبة تلافيه.
ومعنى قوله: "اتهموا رأيكم" أن الإنسان قد يرى رأيًا والصواب في غيره كما رأى عمر رضوان الله عليه ثم بان له أن الصواب ما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه أن عامة من صَدَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت أسلموا كأبي سفيان وسهيلِ بن عمرو وغيرِهما، وقد أظهر الله تعالى من أصلابهم من أَعزَّ بهم الدينَ.
قال ابن إسحاق: ولما فرغوا من الكتاب أَشهدوا رجالًا من المسلمين منهم أبو بكر وعمر وعلي وابن عوف وسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومن المشركين مِكْرَز بن حَفْص وحويطب بن عبد العزى وغيرهما (¬2).
وقال المِسْوَرُ: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يَحْلِقَ وكان الذي حلق رأسَه خِراشُ ابنُ أمية بنَ الفضل الخزاعي (¬3).
وقال البخاري: الذي حلق رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معمر بن نضلة بن عوف (¬4).
وقال ابن عباس: حلق رجالٌ يوم الحديبية وقصَّر آخرون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللهُ المُحلِّقينَ" قالوا: يا رسول الله، والمقصِّرين، فقال: "يَرحَمُ اللهُ المُحلِّقينَ" قالوا: والمقصِّرين، فقال: "يَرحَمُ اللهُ المُحلِّقينَ" قالوا: والمقصِّرين, قال لهم "والمُقَصِّرينَ" قالوا: فلم ظاهَرْتَ التَّرحمَ على المحلِّقينَ دون المقصِّرين؟ قال: "لأَنَّهمُ لم يَشُكُّوا" (¬5).
¬__________
(¬1) أخرجه البخارى (3181)، ومسلم (1785) (95)، وأحمد (15974).
(¬2) انظر "السيرة" 2/ 319، ووقع في "السيرة": محمود بن مسلمة بدل: محمد، وهما أخوان.
(¬3) انظر "السيرة" 2/ 319، وأخرجه البخاري (1811) شطره الأول.
(¬4) لم يذكره البخاري في "صحيحه" بل هو من زيادات الحميدي في "الجمع" (1352)، قال: قال أبو مسعود: زاد ابن جريج: وزعموا أن الذي حلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معمر بن عبد الله بن عوف بن نضلة. وانظر "الفتح" 3/ 562.
(¬5) أخرجه أحمد في "مسنده" (3311).

الصفحة 388