كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

ورهبانهم: "أن لا يُغيِّرَ عليهم ما هُم فيه وما تَحتَ أيديهم، ولا يُغَيَّرَ أُسْقُفٌّ عن أُسْقفته، ولا راهِبٌ عن رَهبانيَّته، ولا كاهنٌ عن كهانَتِه" (¬1).
قال المصنف رحمه الله: وقد بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلًا إلى الأطراف إنما الكلام فيمن بعثه في هذه السنة.
فصل: فأما حاطب حليفُ بني أسد بن عبد العزى فإنه سار إلى المُقَوْقِس صاحبِ الإسكندرية، فقبله وأكرمه، وكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جوابه: قد علمت أنه قد بقي نبي وقد أكرمتُ رسولك، وأهدى إليه هدية، وجعل كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حُقٍّ من عاج وختم عليه ودفعه إلى قَهْرمانته وقال: احتفظي به (¬2).
وعاد حاطب من عنده في سنة سبع من الهجرة، وسنذكره إن شاء الله تعالى.
فصل: وأما شجاع فهو حليف حرب بن أمية، شهد بدرًا، كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يده كتابًا إلى الحارث بن أبي شَمِر: سلامٌ على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك إلى الإيمان بالله وحده لا شريك له وأني رسوله، فأجب ليدوم لك ملكك. والسلام (¬3).
قال شجاع: فأتيتُه وهو بغوطة دمشق يهيئ الأموال لقيصر وكان قاصدًا إلى البيت المقدس، فأقمت على بابه أيامًا لا أصل إليه، وكان له حاجب يقال له: مري، فقلت له: أخبره بأني رسولُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنك لا تصل إليه [حتى يخرج] في يوم كذا وكذا، وجعل يسألُني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفته وما يدعو إليه، فكنت أحدثه فيرق حتى يغلِبَهُ البكاءُ ويقول: هذه والله صفته في الإنجيل، وأنا أؤمن به وأصدقه وأخاف من الحارث أن يقتلني، قال: وكنت في ضيافة الحارث وإكرامه إلى أن جلس يومًا ووضع تاجَه على رأسه وأذن لي في الدخول عليه، فدخلت ودفعت إليه الكتاب فقرأه ورمى به وقال: من ينتزع مني ملكي، أنا سائر إليه ولو كان باليمن، ثم عرض الناس
¬__________
(¬1) "الطبقات الكبرى" 1/ 229.
(¬2) انظر "الطبقات" 1/ 224.
(¬3) انظر "تاريخ الطبري" 2/ 652.

الصفحة 393