كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 3)

قال ابن إسحاق (¬1): ثم كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كتابًا آخر إلى النجاشي بأن يزوِّجه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان ويبعث إليه بجعفر ومن عنده من المسلمين، فأخذ الكتاب وجعلهما في حُقًّ من عاج وقال: لا تزال الحبشة بخير ما دام هذان الكتابان بين أظهرهما.
قال أنس: وليس بالنجاشي الذي صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
قال المصنف: وظاهر هذا القول أنه كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - نجاشي آخر ولم ترد الأخبار بذلك، والظاهر أن المشار إليه هو الذي صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
* * *

وفيها: ذبح أبو بُردة بن نِيَار قبل صلاة العيد فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُعيد الأضحية.
قال البراء بن عازب: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ أَوَّلَ ما نَبدَأُ بهِ في يَومِنا هذا: أَن نُصلِّي، ثم نَرجِع فَنَنْحر، فَمَن فَعَل ذلِكَ فَقَد أَصابَ سُنَّتنا، ومَن ذَبَح قَبلَ الصَّلاةِ، فإنَّما هوَ لَحمٌ قَدَّمه لأَهلهِ ليسَ مِنَ النُّسُك في شيءٍ". قال: وذَبح خالي أبو بُردة بن نِيَار فقال: يا رسول الله، ذبحتُ قبل الصلاة وعندي جَذَعةٌ خيرٌ من مُسِنَّةٍ، قال: "اجعَلْها مَكانَها، ولَن تجزئَ - أو توفي - عَن أَحَد بَعدَكَ". أخرجاه في "الصحيحين" (¬3).
* * *

وفيها: وقع طاعون بالمدينة فأفنى الخلق، وهو أول طاعون وقع في الإسلام، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وَقَعَ بأَرضٍ وأَنتُم بها، فَلا تَخرُجُوا منها، وإِنْ سَمِعْتُم بهِ في أَرضٍ فَلا تَقْرَبُوها" (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) في "تاريخ الطبري" 2/ 653 عن الواقدي.
(¬2) أخرجه مسلم (1774)، وقال ابن حجر في "الفتح" 8/ 129: والجمع بين القولين أنه كاتب النجاشي الذي أسلم وصلى عليه لما مات، ثم كاتب النجاشي الذي ولي بعده وكان كافرًا.
(¬3) أخرجه البخاري (968)، ومسلم (1961).
(¬4) أخرجه البخاري (5728)، ومسلم (2218) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه -.

الصفحة 404