كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬1).
قال الحسن البصري: إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله، ما حجة الله على كسرى فيك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعث الله إليه ملكًا، فأخرج يده من سور جدار بيته تتلألأ نورًا، فلما رآها فزع، فقال له: يا أبرويز، لا تُرَع فإن الله قد بعث رسولًا وأنزل عليه كتابًا، فاتبعه تسلم لك دنياك وآخرتك، فقال: سأنظر في ذلك (¬2).
وقال الواقدي: بعث الله إليه ملكًا وقت الهاجرة وهو في بيت لا يدخل عليه أحد، فلم يَرُعْه إلا وهو قائم على رأسه، وفي يده عصا، فقال له: يا أبرويز، أسلم وإلا كسرت هذه العصا على رأسك، فقال: بِهِل بِهِل -أي اصبر-، ثم انصرف عنه، فدعا حجابه وحراسه، وقال: من أين دخل هذا؟ قالوا: ما رأيناه. ثم جاءه بعد سنة، فقال له كذلك. ثم انصرف وجاءه في السنة الثالثة، فكسر العصا على رأسه. فكان ذلك سببًا لقتله، فقتله ابنه شيرويه (¬3).
وفي رواية: نام كسرى يومًا فرأى في منامه كأنه رُمي به إلى السماوات، وأوقف بين يدي الله تعالى، وإذا رجل عليه إزار ورداء، والله تعالى يقول له: "يا أبرويز، سلم مفاتيح خزائن الأرض إلى هذا". فسلمها إليه، ثم أراد أن يستردها فأيقظه بعض حجابه لأمر دَهَمه.
قال حاتم بن عطاء: والذي حكى المنام: خالد بن وَيْدَة، وكان مجوسيًّا فأسلم، والرجل الَّذي كان عليه الإزار والرداء: محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬4).
* * *
¬__________
(¬1) انظر "المنتظم" 2/ 360 - 362، وتاريخ الطبري 2/ 188، و"السيرة الشامية" 1/ 428.
(¬2) أخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 190، وانظر "المنتظم" 2/ 362.
(¬3) انظر "تاريخ الطبري" 2/ 191.
(¬4) انظر "المنتظم" 2/ 363 - 364، والوفا (238).