كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ- فَانْطَلَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَة (¬1) -وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ- ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ، يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ، فنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا (¬2) آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِم وَأَصْحَاُبهُ لَجَؤُوا إلى فَدْفَدٍ (¬3)، وَأَحَاطَ بِهِمُ القَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ العَهْدُ وَالمِيثَاقُ، وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا (¬4)، فَقَالَ عَاصِمُ بنُ ثَابِتٍ -رضي اللَّه عنه- أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ اليَوْمَ في ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ (¬5)، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا في سَبْعَةٍ (¬6).
¬__________
(¬1) في رواية الطيالسي في مسنده - رقم الحديث (2720) - وابن سعد في طبقاته (2/ 277): الهَدَّةُ -بتشديد الدال بغير ألف-.
(¬2) قَصُّ الأثَرِ: أي تَتَبُّعُهُ. انظر النهاية (4/ 64).
(¬3) الفَدْفَد: الموضعُ المُرْتَفِعُ. انظر النهاية (3/ 377) - فتح الباري (8/ 134).
(¬4) في رواية ابن سعد في طبقاته (2/ 277): قالوا لهم: إنَّا واللَّه ما نُرِيد قِتَالكم، إنما نُرِيد أن نُصِيبَ بكم ثَمَنا من أهل مكة.
(¬5) وفي رواية الطيالسي في مسنده: قال عاصم -رضي اللَّه عنه-: اللهم بلِّغ عنا نَبِيَّك السلام.
(¬6) أي في جملة سبعة، وفي رواية الطيالسي في مسنده: فَقُتِل منهم سَبْعة، ونزل ثلاثة في العهد والميثاق.
وأخرج ذلك: البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب هل يستأسر الرَّجل؟ - رقم الحديث (3045) - والطيالسي في مسنده - رقم الحديث (2720).