كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبِ بنِ عَدِيٍّ، وَزَيْدِ بنِ الدَّثِنَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (¬1).

* مَقْتَلُ زَيْدِ بنِ الدَّثِنَّةِ:
فَأَمَّا زَيْدُ بنُ الدَّثِنَّةِ -رضي اللَّه عنه- فَاشْتَرَاهُ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ، وَبَعَثَ بهِ صَفْوَانُ بنُ أُمَيَّةَ مَعَ مَوْلًى لَهُ، يُقَالُ لَهُ: نِسْطَاسٌ، إِلَى التَّنْعِيمِ (¬2)، وَأَخْرَجُوهُ مِنَ الحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ اللَّه يَا زَيْدُ، أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدَنَا الآنَ في مَكَانِكَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَأَنَّكَ في أَهْلِكَ؟
قَالَ زَيْدٌ -رضي اللَّه عنه-: وَاللَّهِ مَا أُحبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا الآنَ في مَكَانِهِ هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنِّي جَالِسٌ في أَهْلِي.
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، ثُمَّ قُتِلَ زَيْدُ بنُ الدَّثِنَّةِ -رضي اللَّه عنه- (¬3).
¬__________
= بِمَرِّ الظَّهْرَان انتزع عبد اللَّه بن طارق -رضي اللَّه عنه- يده وأخذ سيفه، فذكر قِصَّة قتله، فيحتمل أنهم إنما ربطوهم بعد أن وصلوا إلى مر الظهران، وإلا فما في الصحيح أصح.
(¬1) أخرج ذلك كله البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب هل يستأسر الرَّجل - رقم الحديث (3045) - وانظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 277) - سيرة ابن هشام (3/ 190).
(¬2) التَّنْعِيمُ: بالفتح ثم السكون وكسر العين: مكانٌ معرُوفٌ خارجَ مكة على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة. انظر معجم البلدان (2/ 458) - فتح الباري (4/ 444).
(¬3) انظر سيرة ابن هشام (3/ 191) - الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 277).

الصفحة 19