كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
ثُمَّ قَالَ -رضي اللَّه عنه-: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بِدَدًا (¬1)، وَلَا تُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (¬2).
قَالَ ابنُ إِسْحَاقَ في السِّيرَةِ: فَكَانَ مُعَاوِيَةُ بنُ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: حَضَرتُهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَنْ حَضَرَ مَعَ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُلْقِينِي إلى الأَرْضِ فَرَقًا (¬3) مِنْ دَعْوَةِ خُبَيْبٍ، وَكَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا دُعِيَ عَلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ لِجَنْبِهِ زَالَتْ عَنْهُ (¬4).
ثُمَّ أَنْشَدَ خُبَيْبٌ -رضي اللَّه عنه-:
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ في اللَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ في ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ (¬5) شِلْوٍ (¬6) مُمَزَّعِ (¬7)
¬__________
(¬1) بِدَدا: يروى بِكسر الباء، جمع بُدَّة وهي الحِصَّة والنَّصِيبُ، أي اقتُلْهُم حِصصًا مُقَسَّمة لكِلِّ واحد حِصَّته ونصيبه، ويروي بفتح الباء، أي مُتفرِّقين في القتل واحدًا بعد واحد. انظر النهاية (1/ 105).
(¬2) أخرج ذلك البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب غزوة الرجيع - رقم الحديث (4086) - وابن إسحاق في السيرة (3/ 192).
(¬3) الفَرَق بالتحريك: الخوف والفزع. انظر النهاية (3/ 392).
(¬4) انظر سيرة ابن هشام (3/ 192).
(¬5) الأوصال: جمع وَصَل، وهو العضو. انظر النهاية (5/ 168).
(¬6) قَالَ الحَافِظُ في الفَتْحِ (8/ 137): الشِلو بكسر الشين: الجَسَد، وقد يطلق على العُضْوِ، ولكن المراد به هنا الجسد.
(¬7) قال الحافظ في الفتح: (8/ 137): المُمَزَّع: المُقَطَّع.=
الصفحة 21