كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

-صلى اللَّه عليه وسلم- فَقَالُوا: أَنِ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا القُرْآنَ وَالسُّنَّةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُمُ القُرَّاءُ (¬1).
وَعِنْدَ ابنِ سَعْدٍ وَابْنِ إِسْحَاقَ: أَنَّ أبَا بَرَاءٍ عَامِرَ بنَ مَالِكٍ المَعْرُوفَ بِمُلَاعِبِ الأَسِنَّةِ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- المَدِينَةَ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإِسْلَامَ، وَدَعَاهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُسْلِمْ وَلَمْ يَبْعُدْ مِنَ الإِسْلَامِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، لَوْ بَعَثْتَ رِجَالًا مِنْ أَصحَابِكَ إلى أَهْلِ نَجْدٍ، فَدَعَوْهُمْ إلى أَمْرِكَ، رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَهْلَ نَجْدٍ"، فَقَالَ أَبُو بَرَاءٍ: أَنَا لَهُمْ جَارٌ، فَابْعَثْهُمْ فَلْيَدْعُوا النَّاسَ إلى أمْرِكَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- سبْعِينَ (¬2) رَجُلًا مِنْ أصحَابِهِ (¬3).

* وُصُولُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى بِئْرِ مَعُونَةَ:
مَضى الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَتَّى وَصَلُوا إلى بِئْرِ مَعُونَةَ، فَنَزَلُوا بِهَا، وبَعَثُوا حَرَامَ بنَ مَلْحَانَ -رضي اللَّه عنه-، خَالَ أنَسِ بنِ مَالِكٍ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ إلى عَدُوِّ اللَّهِ عَامِرِ بنِ الطُّفَيْلِ، فَلَمْ يَنْظُرْ عَدُوُّ اللَّهِ عَامِرُ بنُ الطُّفَيْلِ في كِتَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، بَلْ أَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَوْمَأَ (¬4) إلى رَجُلٍ فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ حَتَّى أنْفَذَهُ بِالرُّمْحِ،
¬__________
(¬1) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (677).
(¬2) هذه رواية ابن سعد في طبقاته (2/ 275) وهي موافقة لرواية الإمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (4090) - وعند ابن إسحاق في السيرة (3/ 204): أربعين.
(¬3) انظر الطبَّقَات الكُبْرى (2/ 275) - سيرة ابن هشام (3/ 204).
(¬4) الإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس، واليد، والعين، والحاجب. انظر النهاية (1/ 82).

الصفحة 28