كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

يَدْعُوَ فِيهَا إلى الإِسْلَامِ، وَكَانَ حَسَنَ الإِسْلَامِ -رضي اللَّه عنه-، وَكَانَ يَرْعَى الغَنَمَ في الهِجْرَةِ، ثُمَّ يَرُوحُ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبِي بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- في الغَارِ، وَكَانَ رَفِيقَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَبِي بَكْرٍ في هِجْرَتِهِمَا إلى المَدِينَةِ -كَمَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ- وَشَهِدَ بَدْرًا، وَأُحُدًا، ثُمَّ قُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَهُوَ ابنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً -رضي اللَّه عنه- (¬1).

* حُزْنُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى مَقْتَلِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:
وَجَاءَ خَبَرُ فَاجِعَةِ بِئْرِ مَعُونَةَ، وَخَبَرُ مَقْتَلِ عَاصِمِ بنِ ثَابِتٍ، وَخُبَيْبِ بنِ عَدِيٍّ وَأَصْحَابِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ يَوْمَ الرَّجِيعِ إلى رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَحَزِنَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَالمُسْلِمُونَ عَلَيْهِمْ حُزْنًا شَدِيدًا، وَلَقَدْ بَلَغَ حُزْنُ الرَّسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ مَكَثَ شَهْرًا يَدْعُو في كُلِّ صَلَاةٍ عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ الذِينَ غَدَرُوا بِالقُرَّاءِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ قُرْآنًا يُتْلَى، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدُ.
أَخْرَجَ الإِمَامُ مُسْلِم في صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِأَصْحَابِهِ: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ قُتِلُوا، وإِنَّهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ بَلَغ عَنَّا نَبِيَّكَ، أَنَّا قَدْ لَقِينَاكَ فَرَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا" (¬2).
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: . . . أنْزَلَ اللَّهُ فِي
¬__________
(¬1) انظر الاستيعاب لابن عبد البر (2/ 345).
(¬2) أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإمارة - باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم الحديث (677) - وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (13854).

الصفحة 32