كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
وَنَزَلَ في ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1).
* السَّبَبُ الثَّانِي:
أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِي في مُصَنَّفِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ عَنْ رَجُل مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: . . . فكَتَبَتْ كُفَّارُ قُرْيْشٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ إِلَى الْيَهُودِ: أَنكُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ (¬2)، وَالْحُصُونِ، وَأَنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ (¬3) نِسَائِكُمْ شَيْءٌ، فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمُ الْيَهُودَ أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ عَلَى الْغَدْرِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أُخْرُجْ إِلَيْنَا في ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ، وَلْنَخْرُجْ في ثَلَاثِينَ حَبْرًا (¬4)، حَتَّى نَلْتَقِيَ في مَكَانِ كَذَا، فَيَسْمَعُوا مِنْكَ، فَإِنْ صَدَّقُوكَ، وَآمَنُوا بِكَ، آمَنَّا كُلُّنَا، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ حَبْرًا مِنْ يَهُودٍ، حَتَّى إِذَا بَرَزُوا في برازٍ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ لِبَعْضٍ: كَيْفَ تَخْلُصُونَ (¬5) إِلَيْهِ،
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية (11).
(¬2) الحَلْقة: بفتح الحاء وسكون اللام السلاح. انظر النهاية (1/ 410).
(¬3) الخَدَمُ: بفتح الخاء والدال هو الخلخال. انظر لسان العرب (4/ 41).
(¬4) الحَبر: بفتح الحاء العَالِمُ، وكان يقال لابن عباس رضي اللَّه عنهما: الحَبر والبحر لعلمه وسعته. انظر النهاية (1/ 317).
(¬5) خلَصَ فلان إلى فلان: أي وصل إليه. انظر لسان العرب (4/ 173).
الصفحة 38