كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

وَمَعَهُ ثَلَاثوُنَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ، كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَهُ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ: كَيْفَ تَفْهَمُ وَنَفْهَمُ، وَنَحْنُ سِتُّونَ رَجُلًا؟ اخْرُجْ في ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا، فَلْيَسْمَعُوا مِنْكَ، فَإِنْ آمَنُوا بِكَ آمَنَّا كُلُّنَا، وَصَدَّقْنَاكَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاشْتَمَلُوا عَلَى الْخَنَاجِرِ (¬1)، وَأَرَادُوا الْفَتْكَ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَرْسَلَتِ امْرَأَةٌ نَاصِحَةٌ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى بَنِي أَخِيهَا، وَهُوَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ (¬2)، فَأَخْبَرَتْهُ خَبَرَ مَا أَرَادَتْ بَنُو النَّضِيرِ مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَأَقْبَلَ أَخُوهَا مُسْرِعًا، حَتَّى أَدْرَكَ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَسَارَّهُ بِخَبَرِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَيْهِمْ، فَرَجَعَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِالْكَتَائِبِ، فَحَاصَرَهُمْ (¬3).

* بَعْثُ مُحَمَّدِ بنِ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه-:
وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَيْهِمْ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنِ اخْرُجُوا مِنَ المَدِينَةِ، فَلَا تُسَاكِنُونِي بِهَا، وَقَدْ هَمَمْتُمْ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ مِنَ الْغَدْرِ، فَمَنْ رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ"، فَمَكَثُوا عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ، وَأَرْسَلُوا إلى
¬__________
(¬1) اشتَمَلَ بالثَّوْبِ: إذا أدَارَهُ على جسده كله حَتَّى لا تخرج منه يده. انظر لسان العرب (7/ 302). أي أنَّهم غطوا هذه الخَنَاجِر تحت أجسادهم بهذا الثوب.
(¬2) سيأتي خبر أخوة الإنصار ليهود بني النضير بعد قليل.
(¬3) أخرجه أبو داود في سننه - كتاب الخراج - باب في بني النضير - رقم الحديث (3004) - وعبد الرزاق الصنعاني في مصنفه - رقم الحديث (9733) - وأورده الحافظ في الفتح (8/ 70) وصحح إسناده.

الصفحة 39