كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ البُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ في قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} قَالَ: اللِّينَةُ: النَّخْلُ، {وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}، قَالَ: اسْتَنْزَلُوهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ وَأُمِرُوا بِقَطْعِ النَّخْلِ (¬1).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِقَطْعِ نَخِيلِهِمْ إِهَانَةً لَهُمْ، وَإِرْهَابًا وَإِرْعَابًا لِقُلُوُبهِمْ (¬2).
فَلَمَّا ظَهَرَ لِبَنِي النَّضِيرِ تَخَلِّي المُنَافِقِينَ عَنْهُمْ، وَكَانَ مَثَلُهُمْ وَمَثَلُ المُنَافِقِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (¬3).

* قَذْفُ اللَّهِ تَعَالَى في قُلُوبِ اليَهُودِ الرُّعْبَ وَجَلَاؤُهُمْ:
وَقَذَفَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَاشْتَدَّ الحِصَارُ عَلَيْهِمْ، وَأَيْقَنُوا أَنَّ حُصُونَهُمْ لَنْ تَمْنَعَهُمْ مِنَ اللَّهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ صَالَحُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَى الجَلَاءِ (¬4)، وَعَلَى أَنَّ
¬__________
(¬1) أخرجه الترمذي في جامعة - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحشر - رقم الحديث (3588) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (1111).
(¬2) انظر تفسير ابن كثير (8/ 61).
(¬3) سورة الحشر الآيتان (16 - 17).
(¬4) الجَلَاءُ: إخراجهم من أراضيهم إلى أرض أخرى. انظر النهاية (1/ 218) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 359).

الصفحة 42