كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
التَّجَلُّدَ (¬1)، مَعَهُمُ الدُّفُوفُ وَالمَزَامِيرُ، وَالقِيَانُ (¬2) يَعْزِفْنَ خَلْفَهْمُ.
فَسَارَ أَكْثَرُهُمْ وَأَشْرَافُهُمْ كَسَلَّامِ بنِ أَبِي الحُقَيْقِ، وَكِنَانَةُ بنُ الرَّبِيعِ، وَحُيَيُّ بنُ أَخْطَبٍ، إلى خَيْبَرَ، فَلَمَّا نَزَلُوهَا دَانَ (¬3) لَهُمْ أَهْلُهَا، وَسَارَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إلى الشَّامِ (¬4).
* أُخُوّةُ الأَنْصَارِ وَاليَهُودِ قَبْلَ الإِسْلَامِ:
وَكَانَ في بَنِي النَّضِيرِ مِنْ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ؛ لِأَنَّ المَرْأَةَ مِنْهُمْ كَانَتْ إِذَا لَمْ يَعِشْ لَهَا وَلَدٌ تَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهَا إِنَّ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ أَنْ تُهَوِّدَهُ.
فَقَدْ أَخْرَجَ ابنُ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ، وَالطَّحَاوِيُّ في شَرْحِ مُشْكِلِ الآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (¬5)، قَالَ: كَانَتِ المَرْأَةُ مِنَ الأَنْصَارِ لَا يَكَادُ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فتَحْلِفُ: لَئِنْ عَاشَ لَهَا وَلَدٌ لَتُهَوِّدَنَّهُ، فَلَمَّا أُجْلِيَتْ بَنُو النَّضِيرِ إِذَا فِيهِمْ نَاسٌ مِنْ أَبْنَاءَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْنَاؤُنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيةَ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.
¬__________
(¬1) الجَلَدُ: القُوَّة والصبر. انظر النهاية (1/ 275).
(¬2) القِيَان: الإماء المُغَنِّيَاتُ. انظر النهاية (4/ 118).
(¬3) دَانَ لهم أهلُهَا: أي أطاعتْهُم وخضَعَتْ لهم. انظر لسان العرب (4/ 459).
(¬4) انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 278) - دلائل النبوة للبيهقي (3/ 359).
(¬5) سورة البقرة آية (256).
الصفحة 44