كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} (¬1).
فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أكْثَرَهَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ خَاصَّةً لِفَقْرِهِمْ، وَبِذَلِكَ أَغْنَى اللَّهُ تَعَالَى المُهَاجِرِينَ، وَأَزَالَ فَاقتهُمْ (¬2)، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُنْفِقُ مِمَّا بَقِيَ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ في السِّلَاحِ وَالكُرَاعِ (¬3) عُدَّةً في سَبِيلِ اللَّهِ (¬4).
أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي اللَّه عنه- أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِمَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ في السِّلَاحِ وَالكُرَاعِ عُدَّةً في سَبِيلِ اللَّهِ (¬5).
¬__________
= على أن ما غنمه المسلمون من أعدائهم بدون قِتَال، (وهو الفَيْءُ) يعود النظر والتصرُّف فيه إلى ما يراه الإِمام من المصلحة، وأنه يجب عليه تقسِيمُه بين الجيش كما تقسم عليهم الغنائم التي غَنِمُوها بعد قتال وحرب، مسَتِدِّلين على ذلك بِسِيَاسَتِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في تقسيم فيءِ بني النضير، وقد نَزَل القرآن مُصَوِّبًا لذلك.
(¬1) سورة الحشر آية (6).
(¬2) الفاقَةُ: الحاجة والفقر. انظر النهاية (3/ 432).
(¬3) الكُرَاع: بضم الكاف هي: الخيل. انظر النهاية (4/ 143).
(¬4) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 278).
(¬5) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب المجن ومن يترس بترس صاحبه - رقم الحديث (2904) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير -=