كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ: قَوْلُهُ -رضي اللَّه عنه-: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ: أَيْ يَعْزِلُ لَهُمْ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُنْفِقُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ في وُجُوهِ الخَيْرِ، فَلَا تَتِمُّ عَلَيْهِ السَّنَةُ، وَلِهَذَا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ (¬1)، وَلَمْ يَشْبَعْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تِبَاعًا (¬2)، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِكَثْرَةِ جُوعِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَجُوعِ عِيَالِهِ (¬3).
وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ في صَحِيحَيْهِمَا عَنْ أَنَسٍ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- النَّخْلَاتِ، حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدّ عَلَيهِم (¬4).
¬__________
= باب حكم الفيء - رقم الحديث (1757) (48) - وأخرج الطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (4352).
(¬1) أخرج الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب ما قيل في درع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رقم الحديث (2916) عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: توفي رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير.
(¬2) أخرج الإمام البخاري في صحيحه - كتاب الرقائق - باب كيف كان عيش النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه - رقم الحديث (6454) - ومسلم في صحيحه - كتاب الزهد والرقائق - رقم الحديث (2970) (21) - عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: ما شبع رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثة أيام تباعًا من خبز بُر، حتى مضى لسبيله.
(¬3) انظر كلام الإمام النووي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في شرح صحيح مسلم (12/ 61).
(¬4) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المغازي - باب حديث بني النضير - رقم الحديث (4030) - وأخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الجهاد والسير - باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم - رقم الحديث (1771) (71) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (13291).