كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وإِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
قَالَ الإِمَامُ ابنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ: وَأَوْلَى القَوْلَيْنِ في ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ الذِي قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، كَانَ في حَالِ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وخُرُوجِ مَنْ خَرَجَ مَعَهُ فِي أَثَرِ أَبِي سُفْيَانَ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، مُنْصَرَفَهُمْ عَنْ أُحُدٍ إِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا مَدَحَ الذِينَ وَصَفَهُمْ بِقَوْلهمْ: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} بَعْدَ الذِي قَدْ كَانَ نَالَهُمْ مِنَ القُرُوحِ وَالكُلُومِ (¬1) بِقَوْلهِ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ}، وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصِّفَةُ إِلَّا صِفَةَ مَنْ تَبعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مِنْ جَرْحَى أَصْحَابِهِ بِأُحُدٍ إِلَى حَمْرَاءَ الأَسَدِ.
وَأَمَّا الذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ إِلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ الصُّغْرَى، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ جَرِيحٌ إِلَّا جَرِيح قَدْ تَقَادَمَ انْدِمَالُ جُرْحِهِ، وَبَرِئَ كُلْمُهُ (¬2).
وَقَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ في غَزْوَةِ حَمْرَاءَ الأَسَدِ (¬3).
¬__________
(¬1) الكُلُومُ: جمع كَلْمٍ: وهو الجرح. انظر النهاية (4/ 173).
(¬2) انظر كلام الإمام ابن جرير الطبري رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى في تفسيره (3/ 523).
(¬3) انظر تفسير ابن كثير (2/ 169).
الصفحة 53