كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
سَلَمَةَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ: . . . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَأْتِيهَا، فَإِذَا جَاءَ أَخَذَتْ زَيْنَبُ، فَوَضَعَتْهَا في حِجْرِهَا لِتُرْضِعَهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَيِيًّا كَرِيمًا، يَسْتَحْيِي، فَيَرْجِعُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، فَفَطِنَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ -رضي اللَّه عنه- لِمَا تَصْنَعُ، فَأَقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ وَجَاءَ عَمَّارُ، وَكَانَ أَخَاهَا لِأُمِّهَا (¬1)، فَدَخَلَ عَلَيْهَا، فَانْتَشَطَهَا (¬2) مِنْ حِجْرِهَا، وَقَالَ: دَعِي هَذِهِ المَقْبُوحَةَ (¬3) المَشْقُوقَةَ التِي آذَيْتِ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فَدَخَلَ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ في البَيْتِ، وَيَقُولُ: "أَيْنَ زُنَابُ؟ مَا فَعَلَتْ زُنَابُ"؟
قَالَتْ: جَاءَ عَمَّارٌ، فَذَهَبَ بِهَا، قَالَ: فَبَنَى بِأَهْلِهِ (¬4).
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حِبَّانَ في صَحِيحِهِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَابْنِ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ قَالَ: . . . فتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَقَالَ: "إِنِّي آتِيكُمْ اللَّيْلَة"، قَالَتْ: فَأَخْرَجْتُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ كَانَتْ في جَرَّتِيْ (¬5)، وَأَخْرَجْتُ شَحْمًا، فَعَصَدْتُ (¬6) لَهُ، قَالَ: فَبَاتَ، ثُمَّ أَصْبَحَ، فَقَالَ
¬__________
(¬1) في رواية ابن حبان في صحيحه - رقم الحديث (2949) قال: وكان عمار بن ياسر أخاها من الرضاعة.
(¬2) نَشط: أي جَذَبَها ورَفَعَها إليه. انظر النهاية (5/ 49).
(¬3) مَقْبُوحًا: أي مُبْعدًا. انظر النهاية (4/ 4).
(¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (26669) - وأخرجه النسائي في السنن الكبرى - كتاب السير - باب الحال التي يختلف فيها حال النساء - رقم الحديث (8877) - وصحح إسناده الحافظ في الإصابة (8/ 405).
(¬5) الجَرَّة: هي إناءٌ معروفٌ من الفخار. انظر النهاية (1/ 251).
(¬6) العَصِيدة: هي دقيقٌ يُلَتُّ بالسَّمْنِ ويُطبخ. انظر النهاية (3/ 222).