كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)

سَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَيْفَ وَجَدْتُمْ عَمْرًا وَأَصْحَابَهُ؟ ".
فَأَثْنُوا عَلَيْهِ خَيْرًا، ثُمَّ ذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَنْعَ عَمْرٍو لَهُمْ مِنْ إِيقَادِ النِّيرَانِ، وَمِنِ اتِّبَاعِ العَدُوِّ، وَمِنْ صَلَاتِهِ بِهِمْ وَهُوَ جُنُبٌ.
فَسَأَلهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ عَمْرٌو: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آذَنَ لَهُمْ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا، فَيَرَى عَدُوُّهُمْ قِلَّتَهُمْ، وَكَرِهْتُ أَنْ يَتْبَعُوهُمْ، فَيَكُوُن لَهُمْ مَدَدٌ فَيَعْطِفُوا عَلَيْهِمْ، وَإِنِّي احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ البَرْدِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلَكَ، وَذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (¬1).
فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى عَمْرٍو، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا (¬2).

* مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-:
فَلَمَّا عَرَفَ عَمْرُو بنُ العَاصِ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَدْ رَضِيَ عَنْ كُلِّ مَا
¬__________
(¬1) سورة النساء آية (29).
(¬2) أخرج خبر هذه السرية بدون تفاصيل: البخاري في صحيحه - كتاب التيمم - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت -معلقًا- وأخرجه في المغازي - باب غزوة ذات السلاسل - رقم الحديث (4358) - ومسلم في صحيحه - كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل أبي بكر الصديق -رضي اللَّه عنه- رقم الحديث (2384).
وأخرج تفاصيلها: ابن حبان في صحيحه - كتاب الطهارة - باب التيمم - رقم الحديث (1315) - وكتاب السير - باب الخلافة والإمارة - رقم الحديث (4540) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (17812) - والحاكم في المستدرك - كتاب الطهارة - باب عدم الغسل للجنابة في شدة البرد - رقم الحديث (647) (648) - والطحاوي في شرح مشكل الآثار - رقم الحديث (2457) بأسانيد صحيحة.

الصفحة 615