كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
سَرِيَّةُ أَبِي قَتَادَةَ -رضي اللَّه عنه- إِلَى خَضِرَةَ (¬1)
وَكَانَتْ هَذِهِ السَّرِيَّةُ فِي شَعْبَانَ مِنَ السَّنَةِ الثَّامِنَةِ لِلْهِجْرَةِ، بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَبَا قتادَةَ الحَارِثَ بنَ رِبْعِيٍّ -رضي اللَّه عنه-، فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا إِلَى خَضِرَةَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ غَطَفَانَ كَانُوا يَتَحَشَّدُونَ هُنَاكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنَّ عَلَيْهِمُ الغَارَةَ، فَسَارَ اللَّيْلَ وَكَمَنَ النَّهَارَ، فَهَجَمَ عَلَى حَاضِرٍ (¬2) مِنْهْمُ عَظِيمٍ، فَأَحَاطَ بِهِمْ، وَقَاتَلَ مِنْهُمْ رِجَالًا، فَقَتَلُوا مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ (¬3)، فَكَانَتِ الإِبِلُ مِائَتَيْ بَعِيرٍ، وَالغَنَمَ أَلْفَيْ شَاةٍ، وَسَبُوا سَبْيًا كَثِيرًا، فنَفَلَهُمْ أَمِيرُهُمْ بَعِيرًا بَعِيرًا لِكُلِّ رَجُلٍ، ثُمَّ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ غَنِيمَتَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ الخُمُسَ، فَأَصَابَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا، وَعَدَلَ البَعِيرَ بِعَشْرٍ مِنَ الغَنَمِ، وَكَانَتْ غَيْبَتُهُمْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً.
وَكَانَ فِي السَّبْي جَارِيَهٌ وَضِيئَةٌ وَقَعَتْ فِي سَهْمِ أَبِي قَتَادَةَ، فَجَاءَ مَحْمِيَةُ (¬4) بنُ جَزْءٍ -رضي اللَّه عنه- (¬5)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا قتادَةَ قَدْ أَصَابَ فِي وَجْهِهِ هَذَا
¬__________
(¬1) خَضِرة: بفتح الخاء وكسر الضاد: هي أرض محارب بنجد. انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (2/ 316).
(¬2) الحاضر: القوم النزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه. انظر النهاية (1/ 384).
(¬3) النَّعم: بفتح النون، وهي الإبل والشاء. انظر لسان العرب (14/ 212).
(¬4) مَحْمِية: بفتح الميم الأولى وسكون الحاء وكسر الميم الثانية. انظر الإصابة (6/ 36).
(¬5) جَزْء: بفتح الجيم وسكون الزاي. انظر الإصابة (6/ 36). =
الصفحة 618