كتاب اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (اسم الجزء: 3)
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ شَقَقْتُ بَطْنَهُ لَكُنْتُ أَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ! .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَا أَنْتَ قَبِلْتَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ، وَلَا أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي قَلْبِهِ".
فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ". وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (¬1).
فَلَمْ يَلْبَثْ مُحَلِّمٌ إِلَّا سَبْعًا حَتَّى مَاتَ، فَلَمَّا دَفَنُوهُ، لفَظَتْهُ (¬2) الأَرْضُ، ثُمَّ عَادُوا فَدَفَنُوهُ، فَلَفَظَتْهُ الأَرْضُ، ثُمَّ عَادُوا فَدَفَنُوهُ، فَلَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَلَمَّا غُلِبَ قَوْمُهُ عَمَدُوا إِلَى صُدَّيْنِ (¬3) فَسَطَّحُوهُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ رَضَمُوا (¬4) عَلَيْهِ الحِجَارَةَ حَتَّى
¬__________
(¬1) سورة النساء آية (94).
قلتُ: وقع في رواية الإمام البخاري في صحيحه - رقم الحديث (4591) - ومسلم في صحيحه - رقم الحديث (3025) عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أنه قال: كان رجل في غنيمة له، فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه، وأخذوا غنيمته، فأنزل اللَّه هذه الآية.
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ (9/ 135): ولا مانع أن تنزل الآية في الأمرين معًا.
(¬2) لفظته: أي قذفته ورمته. انظر النهاية (4/ 223).
(¬3) الصَّدُّ والصُّدُّ: الجبل. انظر لسان العرب (7/ 298).
(¬4) رَضْم الحجارة: جعل بعضها على بعض. انظر لسان العرب (5/ 235).
الصفحة 623