كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 3)
906 - حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس (¬1)، وأبو عمر محمد بن عامر الرّملي (¬2)، قالا: نا أبو توبة الربيع بن نافع (¬3)، نا معاوية بن سلّام (¬4)، عن زيد بن سلام أنَّه سمع أبا سلّام حدثني أبو أسماء الرحبي (¬5) أنّ ثوبان مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدثه قال: كنت قاعدًا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء حبْرٌ (¬6) من أحبار اليهود، فقال: سلام عليك يا محمد، قال (¬7): فدفعته
-[107]- دفعة كاد يُصْرَعُ منها، فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول: يا رسول الله؟ فقال اليهوديُّ: إنّما (¬8) نسمّيه باسمه الذي سمّاه به أهله. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ اسمي الذي سمّاني به أهلي محمد". فقال اليهودي: جئت أسألك. فقال له (¬9) رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ينفعك شيء إن حدثتك؟ ". قال: أسمع بأذنيّ، فنَكَتَ (¬10) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعود معه في الأرض فقال: "سل". فقال اليهودي: أين الناس يوم تُبَدَّل الأرض غير الأرض والسماوات؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هم (¬11) في الظلمة دون الجسر" (¬12). فقال (¬13): من أوّل الناس إجازة (¬14)؟ قال: "فقراء المهاجرين". فقال اليهودي: ما تُحفتهم (¬15) حين يدخلون الجنة؟ قال:
-[108]- "زيادة كبد النون (¬16) " قال: فما غذاؤهم على إِثْرها؟ قال: "يُنْحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها". قال: فما شرابهم عليه؟ قال: "من عين تسمّى سلسبيلًا (¬17) ". قال: صدقت. قال (¬18): جئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبيُّ أو رجل أو رجلان. قال: "وينفعك إن حدثتك؟ " قال: أسمع بأذنَيّ، قال: أسألك عن الولد؟ قال: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا منيُّ الرجل منيَّ المرأة (¬19) أَذكْر بإذن الله، وإذا علا منيُّ المرأة منيَّ الرجل آنث بإذن الله" قال اليهودي: لقد صدقْت، وإنّك لنبيّ ثم انصرف. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه، وما لي علْم بشيء منه حتى أتاني الله به" (¬20).
رواه يحيى بن حسان (¬21) عن معاوية
-[109]- أذكر وآنث (¬22)، ولم يذكر: أذكرا (¬23) وآنثا (¬24).
¬_________
(¬1) هو الإمام الحافظ الرازي.
(¬2) الأنطاكي، والرملي -بفتح الراء وسكون الميم وفي آخرها اللام- نسبة إلى بلدة من بلاد فلسطين وهي قصبتها يقال لها: الرملة انظر: الأنساب 3/ 91.
(¬3) الحلبي سكن طرسوس.
(¬4) وسلّام -بالتشديد- ابن أبي سلام -بالتشديد أيضا- واسمه ممطور، ومعاوية هنا يروي عن أخيه الأكبر زيد عن جده. انظر: الإكمال 4/ 410، والتقريب 538.
(¬5) هو عمر بن مرثد. والرحبي -بفتح الراء والحاء المهملة وفي آخرها باء موحدة- نسبة إلى بني رحبة بطن من حمير. انظر: اللباب 2/ 19.
(¬6) -بالكسر والفتح- واحد الأحبار وهم العلماء. انظر: النهاية 1/ 328.
(¬7) (قال) لم يذكر في "م".
(¬8) وفي "م": "إنا".
(¬9) (له) سقط من "م".
(¬10) أصله من النكت بالحصى، ونكت الأرض بالقضيب وهو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكّر المهموم، ونكت الأرض أي ضربها بطرف القضيب. انظر: النهاية 5/ 113.
(¬11) في "م" "هي".
(¬12) الجسر -بالفتح والكسر- لغتان مشهورتان وهو الصراط. انظر: النهاية 1/ 272، والمنهاج للنووي 3/ 227.
(¬13) في "الأصل" و"م" قال بدون الفاء.
(¬14) الإجازة من الجواز والعبور. انظر: النهاية 1/ 314.
(¬15) في "م" "تحفهم" بالجمع. والتحفة -بسكون الحاء وفتحها- واحدة التحف وهي طرفة الفاكهة ثم تستعمل في غير الفاكهة من الألطاف. انظر: النهاية 1/ 182.
(¬16) النوّن: الحوت وجمعه نينان وأصله نونان فقلبت الواو ياء لكسرة النون. النهاية 5/ 131.
(¬17) اسم عين في الجنة. انظر: النهاية 2/ 389.
(¬18) (قال) سقط من "ك" و"ط".
(¬19) (ك 1/ 211).
(¬20) وقد أخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- عن الحسن بن علي الحلواني عن أبي توبة به.
انظر: صحيحه، كتاب الحيض باب صفة مني الرجل ومنيّ المرأة وأن الولد مخلوق من مائهما برقم 34، 1/ 252 - 253، إلا أن عنده: كنت قائمًا، وأذكرا وآنثا. وموقع هذا الحديث في "ك" و"ط" بعد حديث.
(¬21) أبو زكريا البصري.
(¬22) وهذا اللفظ هو المطابق لما أخرجه أبو عوانة -رحمه الله- من حديث أبي توبة الربيع بن نافع، عن معاوية بن سلام به.
(¬23) أي: ليس بالتثنية وأذكرا أي ولد ذكرًا، وآنثا ولد أنثى. انظر: النهاية 2/ 163، وشرح النووي 3/ 227.
(¬24) ما علّقه المصنف هنا قد أخرجه مسلم -رحمه الله تعالى- عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي عن يحيى بن حسان به. انظر: صحيحه، كتاب الحيض باب صفة مني الرجل والمرأة 1/ 253.