كتاب معجم التوحيد (اسم الجزء: 3)

التشريع حق خالص لله وحده لا شريك له. من نازعه في شيء منه فهو مشرك قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي: هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم من التحليل والتحريم والعبادات الباطلة والأموال الفاسدة" (¬١).
وقال ابن تيمية: "فمن جعل غير الرسول تجب طاعته في كل ما يأمر به وينهى عنه وإن خالف أمر الله ورسوله، فقد جعله ندًّا ... وهذا من الشرك الذي يدخل أصحابه في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: ١٦٥] " (¬٢).
ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره قوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (١٢١)} [الأنعام: ١٢١]. (أي: حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره، فقدمتم عليه قول غيره فهذا هو الشرك، كقوله تعالى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] " (¬٣).
وفي تيسير العزيز الحميد قال: "اتباع هذا المحلل للحرام والمحرم للحلال إن كان مجتهدا قصده اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر، وقد اتقى الله ما استطاع، فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه، بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به
---------------
(¬١) تفسير ابن كثير ٤/ ١١٣.
(¬٢) مجموع الفتاوى ١٠/ ٢٦٧.
(¬٣) تفسير ابن كثير ٢/ ١٧١.

الصفحة 11