كتاب معجم التوحيد (اسم الجزء: 3)

ربه. ولكن من علم أن هذا الخطأ فيما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فله نصيب من الشرك الذي ذمه الله، لا سيما إن اتبعه في ذلك لهواه ونصره باللسان واليد مع علمه بأنه مخالف للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه، ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز تقليد أحد في خلافه، وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزًا عن معرفة الحق على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد، فهذا لا يؤاخذ ان أخطأ كما في القبلة. وأما إن قلد شخصًا دون نظيره بمجرد هواه، ونصره بيده ولسانه من غير علم أنه الحق معه، فهذا من أهل الجاهلية، فإن كان متبوعه مصيبًا لم يكن عمله صالحًا، وإن كان متبوعه مخطأ آثمًا كمن قال في القرآن برأيه، فإن أصاب فقد أخطأ، وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار" (¬١).
وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدي: "ألم يحرموا عليكم ما أحل الله ويحلوا لكم ما حرم الله فتتبعوهم، قال: بلى، قال: فتلك عبادتهم".
قال الشنقيطي - رحمه الله -: "وهذا التفسير النبوي يقتضي أن كل من يتبع مشرعا بما أحل وحرم مخالفًا لتشريع الله أنه عابد له متخذه ربًا مشرك به كافر بالله، هو تفسير صحيح لا شك في صحته ... واعلموا أيها الإخوان: أن الإشراك بالله في حكمه والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظامًا غير نظام الله وتشريعًا غير تشريع الله، وقانونًا مخالفًا لشرع الله من وضع البشر معرضًا عن نور السماء الذي أنزله الله على لسان رسوله، من كان يفعل هذا هو ومن كان يعبد الصنم ويسجد للوثن لا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، كلاهما مشرك بالله، هذا أشرك به في عبادته، وهذا أشرك به في حكمه، والإشراك
---------------
(¬١) ملخصًا من تيسير العزيز الحميد ص ٥٥٨ وربما نقله من شيخ الإسلام ابن تيمية.

الصفحة 12