كتاب معجم التوحيد (اسم الجزء: 3)

قال الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: ٢٥٦].
والمراد بالآية - والله أعلم بالصواب - ما قاله الحافظ ابن كثير: "أي لا تكرهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، وقد ذكروا أن سبب نزول هذه الآية في قوم من الأنصار، وإن كان حكمها عامًا" (¬١).
* ثانيًا: يجوز للمسلمين عقد معاهدة مع الكفار إذا كان في ذلك مصلحة راجحة للمسلمين كما هو معلوم من صلح الحديبية حيث صالحهم على وضع القتال عشر سنين.
قال ابن القيم - رَحِمَه اللَّهُ -: "فصل في بعض ما في قصة الحديبية من الفوائد الفقهية ثم ذكر منها: أن مصالحة المشركين ببعض ما فيه من ضيمٌ على المسلمين جائزةٌ للمصلحة الراجحة، ودفع ما هو شر منه، ففيه دفعُ أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما" (¬٢).
* ثالثًا: حفظ العهد الذي بيننا وبين الكفار، إذا وَفَّوْا هُمْ بعهد وذمّتهم.
قال الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٤].
وعن أبي رافع - رضي الله عنه - (وكان قبطيًّا)، قال: بعثتني قريشٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُلقيَ في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البُرُد. ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن، فارجع". قال: فذهبت، ثم أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأسلمتُ" (¬٣).
---------------
(¬١) تفسير ابن كثير ١/ ٦٨٢.
(¬٢) زاد المعاد ٣/ ٣٠٦.
(¬٣) أبو داود وأحمد.

الصفحة 563