كتاب معجم التوحيد (اسم الجزء: 3)

أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: ٣]، وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١].
* الدليل من السنة: عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: "يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ" وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] قَالَ: "أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ" (¬١).
وعن حذيفة أنه سئل عن قوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}: أكانوا يعبدونهم؟ قال: لا، كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه. وفي رواية أنه قال: أما إنهم لم يكونوا يصومون لهم ولا يصلون لهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا أحله الله لهم حرموه، فتلك كانت ربوبيتهم (¬٢).
وهذا الحديث يدل على أن طاعة الرهبان والأحبار في تحريم الحلال، وتحليل الحرام عبادة لهم من دون الله (¬٣)، ومن الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله، لقوله تعالى: {مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)} [التوبة: ٣١]. ونظير ذلك قوله تعالى: {وَلَا
---------------
(¬١) أخرجه الترمذي (٣٠٩٥)، والبيهقي ١٠/ ١١٦.
(¬٢) أخرجه الطبري في تفسيره ١٤/ ٢١١ - ٢١٣، وعبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٢، والبيهقي في سننه ١٠/ ١١٦، وفي شعب الإيمان ٧/ ٤٥ ط دار الكتب العلمية.
(¬٣) انظر توضيح ذلك في كلام شيخ الإسلام في المبحث الآتي (حكم الطاعة في تحريم ما أحل الله).

الصفحة 6