كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

قُلتُ: الأظهر إن كان الرجوع بقول المفدي: افدني وأعطيك الفداء، فالمثل مطلقًا، لاأنه قرض نقله ابن رُشْد عن فضل، ولم يتعقبه في سماع عيسى من كتاب التجارة بأرض الحرب، وإن كان بغيره،. فقول الباجي: لأن السلعة المفدي بها لم يثبت لها تقرر في الذمة، ولاالتزامه قبل صرفها في الفداء، فصار دفعها كهلاكها في قولها: لو هلكت السلعة المستعارة للرهن عند المرتهن، وهي مما يغاب عليه، لاتبع المعير المستعير بقيمتها، وكقولها: إن دفع حميل بدنانير عنها سلعة، تبع الغريم بالأقل من قيمتها أو الدين. ابن بشير: لو جعل لفاديه جعلًا، فالمنصوص سقوطه، وينبغي إن تكلف مالا يلزمه، فله بقدر كلفته. الشيخ عن ابن حبيب: من قالت له زوجته: افدني ولك كذا، فلاشيء له إلا فداؤه.
قُلتُ: خرج على المسألة بعضهم: أجر فادي مابأيدي اللصوص، وأجر غفير القافلة، وهي أحرى في قوافل التجر، ولو فداه وماله، فالفادي أحق به من غرمائه، وفي كونه، لأنه فداه أو لتعليق الفداء بذمته جبرًا نقلا الصقلي قول محمد أولّا، وعن عبد الملك مع تصويب محمد.
قوله: فادى أم الولد أحق بما في يد ربها من غرمائه، ولو كان للمفدي مال، لم يفد معه، ففي اختصاص الفادي به فقلا اللخمي مع الصقلي عن عبد الملك، والشيخ عن سَحنون واللخمي مع ظاهر نقل الصقلي عن محمد.
اللخمي: وعلى الأول له فداء نفسه بما خلفه، ولو كره غرماؤه، لتغليب درء ضرر الأسر، وخوف فننته في دينه، ولو اختلفنا في قدر الفداء، ففي كون القول قول المفدي مطلقًا أو إن أشبه، إلا فقول الفادي إن أشبه، وإلا ففداء المثل إن حلفا أو نكلا، ومن حلف دون صاحبه قبل قوله وإن لم يشبه، ثالثها: القول قول الفادي إن كان الأسير بيده مطلقًا، ورابعها: إلا ان يدعي مالا يشبه، فله فداء مثله لسماع عيسى ابن القاسم، وابن رُشْد عن قاعدة المذهب، وعن سَحنون وعن ابن أبي حازم، ولو أنكر انه فداه، وخرجا معًا من دار الحرب، أو ادعى كل منهما أنه فدى الآخر، فالقول قول منكر الفداء.

الصفحة 37