كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

مقتول، ولو ترك وإن لم يؤد إلى قتل كل الأمة، لم يرم.
قُلتُ: اعتماد منكري قول اللخمي والتونسي، إنما هو على أن القول بذلك قول بما شهد الشرع بإلغائه، لحكم الشرع بمساواة الواحد للكثير في الاحترام، ولعلهم أخذوه من قتل الجماعة المباشرة لقتل الواحد به كالواحد به، ومساوي المساوي مساوٍ على أن في ذلك خلافًا بين العلماء، وقد يجاب بمنع كونه مما شهد الشرع بإلغائه، أما في مسألة الرمي بالنار، فالأقل فيها تبع لمن وجب قتله، والتبعية شهد الشرع باعتبار جنسها أو نوعها، وشهادة الشرع بإلغاء الكثرة مع القليل، إنما تثبت حيث استقلال القليل، وعدم تبعيته، وذكر أبو عمر عن الشافعي قولًا برميهم، وإن تترسوا بأسرى، ولم يقيده بالخوف منهم، وأما في مسألة القرعة، فالقول بها إنما كان لشهادة الشرع باعتبار ارتكاب أقل الضررين اللازم أحدهما دون أكثرهما، كنقل عز الدين وجوب قطع يد من ألم بها يؤدي إلى إتلاف النفس مع اعتبار الشارع نوع القرعة، ومالايتوصل للواجب إلا به، فهو واجب، وإن لم يقع هذا الاضطرار إلى رميهم بالنار.
فقال ابن رُشْد: إن لم يكن في الحصن غير المقاتلين، ففي جواز رميهم بالنار، ومنعه قولان لها، ولسَحنون مع رواية محمد بن معاوية، وعزاه اللخمي أيضًا لابن القاسم.
ابن رُشْد: ويجوز تغريقهم ورميهم بالمنجنيق، وشبه ذلك اتفاقًا، ولو صحبهم النساء والصبيان فقط ففي جواز رميهم بالنار وغيرها، ثالثها، إلا رمي النار، ورابعها: المنع إلا رمي المنجنيق لابن مزين عن أَصْبَغ، وفضل عن ابن القاسم وأبن حبيب ولها، وعزا اللخمي الأول لمحمد قائلًا: إن لم يقدروا على أخذهم إلا بتحريق حصنهم أو تغريقه، وأحب إلى اجتناب النار.
ابن رُشْد: ولو صحبهم أسرى مسلمون، فلا يحرقوا ولا يغرقوا.
وفي جواز قطع الماء عنهم ورميهم بالمنجنيق، ومنعه قولا ابن القاسم مع أشهب وابن حبيب مع نقله عن مالك وأصحابه.
قُلتُ: وعزاه الشيخ لسَحنون. ابن رُشْد: ولو صحبهم بالسفينة النساء والصبيان فقط، جاز رميهم بالنار اتفاقًا

الصفحة 39