كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

قال عمر: يا أنس ما تقول؟ قال: قلت يا أمير المؤمنين تركت بعدي عدداً كثيراً وشوكة شديدة، فإن تقتله ييأس القوم من الحياة، ويكون أشد لشوكتهم.
قال عمر: استحيي قاتل البراء بن مالك، ومجزأة بن ثور، فلما خفت قتله.
قلت: ليس إلى قتله سبيل.
قلت: تكلم ولا بأس.
قال: لتأتيني بمن يشهد لك، فلقيت الزبير، فشهد معي، فتركه عمر، وأسلم وفرض له.
قلت: مقتضى قول مال: أن المحتج على عمر رضي الله عنه الأسيران لا أنس، ونقل ابن رشد عكسه، ومثله نقل أبو عمر، وقد يجمع بقوله: أنس أولاً، والأسيران ثانياً.
وفيه قبول الحاكم الشهادة عليه بما نسيه وهو المذهب، ورأيت عمل بعضهم بخلافه، فالله أعلم.
الشيخ في الموازية: لو أمر الإمام بالنداء على أسير، فبلغ ثمناً؛ فله قتله.
أصبغ: هذا إن عرضه ليختبر ثمنه وإلا فلا.
زاد ابن حبيب: إلا أن يكون هو الذي سأله البيع فأجابه إليه، فلا يقتله.
محمد: عن أصبع عن أشهب: لو أسرت سرية أعلاجاً، فأدركهم أمر خافوا منه؛ فلهم قتلهم إن لم يكونوا استحيوهم، واستحياؤهم أن يتركوهم رقيقاً للمسلمين أو فيئاً لهم ليرى الإمام رأيه.
ابن حبيب: وقتل الأسير بضرب عنقه، لا يمثل به ولا يعبث عليه.
سحنون: قيل لمالك: أيضرب وسطه؟ قال: قال الله (عز وجل): {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]، لا خير في العبث.
قلت: وقتل ذمي بنقض العهد كقتل الأسير، ونزلت في ذمي ثبت بيعه أولاد المسلمين لأهل الحرب، فسأل السلطان الشيخين ابن قداح وابن عبد السلام.
فقال ابن عبد السلام: يصلب ويطعن، وذكر قول مالك فيها: لم أسمع أحداً صلب إلا عبد الملك بن مروان، فإنه صلب الحارث الذي تنبأ، وهو حي وطعنه بالحرية بيده، ففعل ذلك، ومقتضى رواية سحنون: ضرب عنقه.

الصفحة 42