كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

لها على ما لا يجب لها؛ لتقدم إشهاد الزوج أن لها التلوم عليه ما أحبت، ولا يحكم إلا بما لابد منه، وعلى ما أجبت فقهاء الشيوخ المتقدمين وفتواهم، وشهادة الشاهد أنه يعرف مغيب الزوج، ولا يعلم رجوعه إلى الآن لا يوجب حكماً إن لم يشهد غيره بمثله أكثر من الثاني في أمره، وذكر يمين المرأة في بيتها؛ لعذر دون بيانه غير مجزئة بحال حتى يبين.
ابن سهل: زيادة المرأة في يمينها إنما سكتت تلوماً لا إسقاطاً لشرطها أثبتها ابن العطار، وأسقطها ابن الهندي كابن القطان، واحتجاجهما بأن البينة شهدت بها غير بين؛ لأن الشهادة بها لا تمنع وجوبها كيمينها على غيبته أكثر مما شرطه لها وما رجع إليها، وكيمينها في تطليقها بعدم النفقة ما ترك عندها شيئاً، ولا أرسل إليها، وكيمين مستحق غير الربع ما باع، ولا وهب، ولا خرج عن ملكه، وكيمين من شهد له بحق ميت، أو غائب مع شهادة البينة بذلك في الجميع، وكذا نص عليه ابن أبي زمنين في يمنها لأخذها بشرطها في المغيب في سجل القضاء به.
قال: وشاور القاضي فلان من وثقه من أهل العلم، فأشاروا بذلك، فهذا نص في ذلك ممن هو حجة مع موافقة ابن العطار له فيما ذهبنا إلى بيانه، ولو انتقد أبو عمر على نفسه في جوابه أن الشهادة ناقصة حتى يقولوا: أن المغيب بعيد بحيث لا يعلمون كان أولى؛ لأنه لم يقله أحد، وهو متناف في نفسه؛ لأن قوله: أن المغيب بعيد؛ يقتضي علم مكانه، وقوله: بحيث لا يعلمون؛ يقتضي نفيه، وقد سمعت إنكاره عليه.
قلت: قوله: لأن قوله: أن المغيب بعيد يقتضي علم مكانه؛ ليس كذلك؛ لأن علم بعد مكانه يحصل بالقطع بعدم قربه، وهو أعم من علم مكانه وجهله، والأعم لا يشعر بالأخص.
المتيطي: لا حجة لابن سهل على ابن القطان فيما احتج به إلا ما نقله عن ابن أبي زمنين، ولعل أبا عمر لا يسلمه، وقول أبي عمر متعقب بغير ما تعقبه ابن سهل، وهو أن يقال: إنما يكتب "ولها التلوم عليه ما أحبت"؛ احترازا من القول بسقوط شرطها بسكوتها عند الأجل وأحلفت؛ لاحتمال أنها أسقطت شرطها استقصاء لحق الغائب.
قال: وقول بعض الموثقين: إن قلنا: الشهادة على الغيبة، واتصالها على القطع؛ فلا

الصفحة 465