كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

وحكى الفضل عن ابن القاسم مثله، ولو أرادت بعد تزويجه وتسريه بإذنها أن تقضي في نفسها لم يكن لها ذلك اتفاقا؛ لأنه لم يوجب لها التمليك إلا بفعله ذلك بغير إذنها.
وحكى ابن حبيب أنه قيل: لها القضاء وإن نكح بإذنها؛ لأنها أذنت قبل أن يصير القضاء بيدها، وهو غلط ظاهر، إنما الخلاف إن قال: إن نكحت عليك؛ فأمرك بيدك، ولم يقل: إلا بإذنك، فأرادت القضاء في نفسها بعد أن نكح بإذنها، فسمع أصبغ أشهب: لها ذلك، وقاله سحنون في المجموعة، واحتج بمن سلم شفعته قبل الشراء، والمشهور ليس لها ذلك، وقاله أصبغ في سماعه وروايته عنه، وقاله مالك في رسم اغتسل من هذا السماع، وسمعه عيسى في كتاب التخيير، ونص أشهب في الموازية على الفرق بين ذكر: (إلا بإذنك) وتركه، وهو بين لا يفتقر لنص، ولا يفترق، وذلك عند مالك إن أذنت له فنكح؛ فلا قضاء لها في الوجهين، ولو أذنت له إذنا مبهما لم تقل فيه متى شئت، فقال مرة: له أن ينكح متى شاء، ومرة: منعه ألا بقرب إذنها على الخلاف في كون الأمر المطلق على الفور أو التراخي.
ولو أذنت له في النكاح، ثم رجعت قبل نكاحه ابن حبيب: لها ذلك.
وسمع أشهب: منعها ذلك، وسمعه أصبغ من ابن القاسم، وحكاه فضل عنه وعن غيره.
وسمع عيسى ابن القاسم: من نكح على إن لم ينفق عليها ما يصلحها؛ فأمرها بيدها، فقصر عت نفقة مثلها بعد مدة، فرضيت ذلك، ثم بدا لها، فأرادت أن تختار؛ فسخ نكاحه قبل البناء وثبت بعده، فإن رضيت تقصيره في نفقتها؛ فلا قول لها بعد ذلك؛ لأن هذا فعل واحد كمن قال: إن لم أقضك بقية مهرك إلى أجل كذا؛ فأمرك بيدك، فأتى الأجل، ولم يقض، فأقامت معه يصيبها، ولم تقض شيئا؛ فلا قضاء لها بعد ذلك.
ابن رشد: فسخه قبل البناء وثبوته بعده مع بقاء شرطها ليس بمعتدل على أصولهم؛ لأن الشرط إن كان جائزاً؛ لم يفسخ النكاح كنكاح بشرط تمليك أو طلاق، وإن كان فاسداً يوجب فسخ النكاح قبل البناء لا بعده؛ انبغي سقوط الشرط، وردها

الصفحة 473