كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 3)

له، وسمعت بعض قضاة شيوخنا يحكيه لا بقيد المطل.
وقبض مهر الرشيدة لها لا لوليها: إلا لتوكيلها إياه عليه.
اللخمي: لأنها المسلمة للعوض ووليها وكيل على عقد التزويج فقط، وكذا من وكل على بيع سلعة، ولم يسلمها للوكيل مالك السلعة يسلمها، وهو يقبض ثمنها.
وفيها: إذا قبضه الأب لابنته الثيب بغير إذنها، ثم ادعى تلفه ضمنه.
ابن محرز: قال سحنون: لا أدري لم ضمنه إن كان رسولًا؛ فهو أمين، وإن كان اقتضاء؛ فليس بوكيل.
عياض عن ابن القاسم فيها: إنما ضمنه مالك؛ لأنه متعد في قبض المهر؛ إذ لم توكله على قبضه كقبضه دينًا لها بغير أمرها لا يبرئ الغريم، والأب ضامن، وتتبع الزوج، قال: واعترض سحنون تضمينه بأنه ليس بوكيل، فيأخذه على الاقتضاء، وإن كان رسولًا؛ لم يضمن.
قلت: ظاهر لفظ ابن محرز في تعقب سحنون: أن الاقتضاء في فعله متصور، ولكنه يوجب عدم ضمانه؛ أي: لا يوجب ضمانه، وظاهر لفظ عياض نفي تصوره، والحق إن فسر الاقتضاء بمجرد طلب قبض الشيء، فالأب مقتض، وإن فسر به مع كون القابض بحيث يتوجه له طلب ذلك الشيء، وينتفع به في نفسه؛ كاقتضاء الكفيل ما تكفل به، فالأب غير مقتض، ويظهر لنفي الضمان في الأولى وجه؛ لأن الدافع لا عذر له في الدفع؛ لعدم شبهة توجبه، فهو مسلط على ماله بخلاف الثاني؛ لعذه بشبهة كون المقتضى له عليه طلب يتوقع أو يظن حصوله.
عياض: وأجاب الشيوخ عن تعقب سحنون بأجوبة أصوبها ما نص عليه في الكتاب من تعديه بحبسه عنها، وقيل: لتعديه في قبض ما لم يجعل له قبضه، والزوج لم يرسله؛ بل دفعه على وجه الاقتضاء جهلًا وظنًا أن ذلك له.
قلت: يرد الأول بأنه إنما أوجب ضمان الأب بتعد منه بعد قبضه، فيلزم براءة الزوج منه، كما لو وكلته على قبضه، وتقرير الثاني: أن القبض بالفعل مسبب عن طلب الأب دون موجب، وهذا يناسب تضمينه، وعن إجابة الزوج اختيار، وهذا يناسب عدم تضمين الأب؛ لأن الزوج سلطه على ماله، واعتبار الأول أرجح؛ لأنه من قاعدة

الصفحة 509