كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: 3)

كان من خبري: أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزوة (¬1)، واللَّه ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزاة (¬2)، ولم يكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يريد غزوة إلَّا وَرَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في حرٍّ شديد، واستقبل سفرًا بعيدًا ومفازًا وعدوًّا كثيرًا، فجلى للمسلمين أمرهم ليتاهبوا أُهبة عدوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كثير، لا يجمعهم كتاب حافظ؛ يريد: الديوان.
قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلَّا ظن أنَّه سيخفى له ما لم ينزل فيه وحيٌ من اللَّه (¬3)، وغزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون (¬4) تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، وتجهز أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- معه، فطفقت (¬5) أغدو لكي أتجهز معهم، فارجع ولم أقض شيئًا، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه، فلم يزل يتمادى بي، حتى اشتد بالناس الجِدُّ، فأصبح رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون معه، ولم أقضِ من جهازي شيئًا، فقلت: أتجهر بعده بيوم أو بيومين ثم ألحقهم، فغدوت بعد أن فَصَلُوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئًا (¬6)، فلم يزل بي حتى أسرعوا، وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل فأدركهم،
¬__________
(¬1) في "صحيح البخاري": "الغزاة".
(¬2) في "صحيح البخاري": "الغزوة".
(¬3) في "صحيح البخاري": "وحي اللَّه".
(¬4) "والمسلمون" ليست في "صحيح البخاري".
(¬5) في "صحيح البخاري": "وتجهز رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمون معه فطفقت. . . ".
(¬6) في "صحيح البخاري": "ثم غدوت، ثم رجعت ولم أقضِ شيئًا. . . ".

الصفحة 395