كتاب اختصار صحيح البخاري وبيان غريبه (اسم الجزء: 3)

فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيا (¬1) سعد! ألم تسمع ما قال أبو حُباب؟ -يريد عبد اللَّه بن أُبَيٍّ- قال كذا وكذا" قال سعد بن عبادة: يا رسول اللَّه! اعفُ عنه واصفح، فوالذي أَنْزل عليك الكتاب، لقد جاء اللَّه بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البُحَيْرة على أن يتوِّجوه، ويعصِّبوه بالعصابة، فلما أتي (¬2) اللَّه بالحق الذي أعطاك شَرِق، فذلك (¬3) الذي فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الخلاف (¬4) كما أمرهم اللَّه، ويصبرون (¬5) على الأذى. قال اللَّه عَزَّ وَجَل: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا. . .} [آل عمران: 186] الآية. وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} [البقرة: 109] إلى آخر الآية. وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يتأول في العفو ما أمره اللَّه به، حتى أَذِنَ اللَّه فيهم، فلما غزا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بدرًا، فقتل اللَّه به صناديد (¬6) قريش، قال ابن أُبَيٍّ ابن سَلُول ومن معه من المشركين وعَبَدة الأوثان: هذا أمر قد توجه، فبايعوا الرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإسلام، فأسلموا.
¬__________
(¬1) في "صحيح البخاري": "ياسعد".
(¬2) في "صحيح البخاري": "فأبي اللَّه".
(¬3) في "صحيح البخاري": "شرق بذلك، فذلك فعل به. . . ".
(¬4) في "صحيح البخاري": "أهل الكتاب. . . ".
(¬5) في "صحيح البخاري": "ويصطبرون".
(¬6) في "صحيح البخاري": "صناديد كفار قريش".

الصفحة 446